من يتحمَّل مسؤوليَّة المستقبل؟

آراء 2022/04/07
...

  حارث رسمي الهيتي
 
ما إن طالبت جموع المحتجّين في ساحات التظاهر والاعتصام إبّان الحراك الاحتجاجي/ انتفاضة 2019 بإجراء انتخابات مبكرة حتى تلقفت كل الطبقة السياسية/ التحالف الطبقي الحاكم هذه الدعوة سريعاً. تلقفوا فكرتها البسيطة، أن تجري انتخابات برلمانية مبكرة تسبقها تحضيرات وترتيبات وهذه الأخيرة تأخذ من الوقت ما يكفي حسب اعتقادهم بأن يمتص غضب المحتجين ولا أقول بخطأ ما ذهبوا إليه هنا تقريباً. 
لكن من أخطر ما حصل حسب اعتقادي أنه تم التغافل عن  أبرز ما حملته هذه الدعوة من فحوى، فمطلب الانتخابات المبكرة لم يكن بحال من الأحوال يهدف الى إعادة انتاج المنظومة السياسية ذاتها، أو أن يجري إعادة تقسيم الحصص/ المناصب بالطريقة ذاتها، أي من المناصب للمكوّن (س) وأي منها للمكوّن 
(ص). 
كما أنها طالبت بالكثير باعتبارها مطالب وحقوق مواطنين لا مذاهب!!.
لاحقاً جرى التسويق لهذه الانتخابات باعتبارها "انتخابات تشرين" وهنا أسجل تحفظي على هذا الوصف، وعلى أي حال تمخضت عن هذه الانتخابات نتائج ممكن أن نصفها بأنها الأصعب والأخطر في عمر هذا النظام السياسي. الآن ونحن على أعتاب الشهر السادس منذ إجرائها ولا شيء يلوح في الأفق، وأكثر ما يعطّل ولادة الحكومة الجديدة هو عدم إيمان أي من الأطراف الفاعلة اليوم بمغادرة عقلية ما قبل الأول من تشرين 2019. هذه العقلية والطريقة التي اعترف كثير من صانعيها بأنها فشلت في تحقيق ما للمواطن من حقوق، أبسطها مياه صالحة للشرب وأكبرها صناعة الهوية الوطنية، إيماناً منهم بأن هذه الهوية لن تبقي – وأقصد هنا مستقبلهم السياسي- على أحد من دعاة التحاصص. 
لا أحد ينتبه هنا، إلا أن واحدة من فضائل الانتخابات أنها طريقة يمكن من خلالها إصلاح ثغرات ومواطن إخفاق الأنظمة السياسية، طريقة من شأنها تجعل من التغيير تغييراً بسيطاً سلساً لا يكلف دماً جديداً. 
لا أحد ينتبه أن نسب المشاركة في الانتخابات تتراجع بعد كل مرة تُجرى 
فيها. 
والأرقام أصدق وأبلغ من كل ما يقال. ومن الخطورة بمكان أن تنخفض قناعة الناس تدريجياً بجدوى الانتخابات في تغيير واقعٍ لا نبالغ حين نصفه بالمأساوي!!.