بطولة الشطرنج العالميَّة

آراء 2022/04/09
...

 رعد أطياف
 
وحدها الولايات المتحدة تعلم النتائج الخطيرة لهذه الحرب، وهي ليست غبية في ما تفعله من إمداد الأوكرانيين بكل ما يضمن لهم الصمود. إذ لو اتسعت دائرة الهيمنة الروسية وسقطت كييف، فربما سيتغيّر ميزان القوى العالمية، وإن بالتدريج، وتفقد الولايات المتحدة، بمرور الأيام، مركزيتها العالمية كدولة مهيمنة. الولايات المتحدة لا تحتمل ظهور منافسين دوليين حسبما يخبرنا جون ميرشايمر؛ أسقطت اليابان كدولة مهيمنة في إقليمها الآسيوي، وأسقطت المانيا كدولة مهيمنة في إقليمها الأوروبي، ومن ثم أسقطت الاتحاد السوفيتي كمهيمن شرس على قلب العالم (آسيا الوسطى)، وستتصدى بقوة للصين لحرمانها من الهيمنة المستقبلية على إقليمها الآسيوي. لذلك تعد هذه المعركة هي خط الدفاع الأخير لآخر معاقل القوة المتفردة في العالم؛ إما أن يرجع حلف الناتو بقيادة الأميركان أقوى ممّا مضى، أو تظهر روسيا مرة أخرى كلاعب رئيس يمكنها أن تحتل مكاناً بارزاً في ميزان القوى العالمية. لكن ينبغي أن نفهم أن روسيا عملاق عسكري لكنها كسيحة اقتصادياً حسب تعبير الكسندر دوغين، بينما الصين عملاق اقتصادي هائل، فيمكن للاثنين أن يلعبا دوراً تكاملياً في المستقبل، خصوصاً أنهما متفقان على رؤية مشتركة؛ عالم متعدد الأقطاب بإدارة الأمم المتحدة. ولا ننسى أن نقطة الضعف الروسية تكمن في عدم تمتعها بنظام حوافز كافٍ يتمتع بجاذبية اقتصادية وسياسية، بينما يمتلك النموذج الأميركي جاذبية واسعة النطاق، وأمة عظيمة كما يصفها أحد الستراتيجيين. إن الولايات المتحدة أمة عظيمة بلا شك، وحتى لو تراجع دورها المهيمن في المستقبل، فستمارس سياستها الخارجية بوصفها أمة عظيمة. لكن في سياساتها الخارجية تجاه الأمم الضعيفة، أو البلدان الطرفية، أو بلدان العالم الثالث، فهي سياسة منافقة، وعادة ما تختار شخصيات تافهة لدعمها سياسياً، إنها لا تستطيع أن تزايد على روسيا من هذا الجانب. لروسيا رمضان قادروف، وللولايات المتحدة زيلنسكي، وهذه أمثلة فقط لنماذج كثيرة.
ولا أظن الصين ستختلف عنهم في المستقبل لو ثنيت لها الوسادة، اللهم إلا ذلك البعض من حسن الظن الذي نكنّه للحضارة الصينية، لكنه يبقى تخمينا على أي حال!. أما من يمتلك سجلا حافلا بالتخريب والحروب فهذا موكول للقارئ. معظم الحروب التي تُشَن لا علاقة لها بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ذلك أن الدول من جهة السياسات الخارجية شيء، وبوصفها أمما عريقة شيء آخر. ويجدر بنا أن ننظر من ناحية المنفعة العملية التي ستحققها لبلداننا لكي لا نتحول إلى موظفين صغار وبالمجان لهذا الطرف أو ذاك.