العراق وأهمية العلاقات الدبلوماسيَّة

آراء 2022/04/09
...

  ماهر عبد جودة
 
للعلاقات الدبلوماسية بين الدول، الأثر الفعّال في حفظ الأمن والاستقرار، وتوفير بيئة سياسية واقتصادية، ومناخ علاقات متكافئة، تتيح المجال واسعا لكل دولة، لتنفيذ خططها التنموية، وما يناسب وما متاح لديها من موارد طبيعية وبشرية، والفكر السياسي السائد والأيديولوجية المتبعة في كل بلد، هما ما يرسمان شكل تلك العلاقة ولونها، وبالتالي الملامح العامة لكل نظام سياسي حاكم، وموقعه بين دول العالم، إن كان مرموقا أو منبوذا. 
في عصرنا الحالي الذي أمست فية العولمة وقد تغلغت في ثقافات مختلف شعوب الأرض، وتحيل العالم بأسره تدريجيا إلى قرية صغيرة، حيث الاقتصاديات المتداخلة، وتكنولوجيا المعلومات المتيسرة بسهولة حتى لشعوب البلدان الفقيرة، والتي من خلالها أصبح كل شيء مكشوفا حدثا أو صناعة أو فتحا علميا جديدا، وأمام تلك المعطيات المستجدة، لا يمكن لأي نظام حكم إن يوصد الباب على نفسه ويغلق نوافذه، بعيدا عن رياح التغيير العاتية والسريعة، فذلك الانتحار بعينه أو الرهان اللا واقعي الخاسر، الذي لا يصمد طويلا، لأننا جزءٌ من العالم، نتأثر به ونؤثر أيضا، ولأن اكتشافات العقل والتكنولوجيا، والاتجاهات السياسية الحديثة، سائرة باتجاه الإيمان بالقيم الديمقراطية والليبرالية الإقتصادية والفكرية.
والعراق بعد ٢٠٠٣ خرج عن كونه ذلك البلد المغلق، والذي يحكم بقبضة من حديد، من قبل حاكم واحد وفكر واحد، ويتبنى أنماطا وأعرافا دبلوماسية، غاية في العداء والتوتر، مع أغلب دول العالم، ولم يتقدم نتيجة لذلك قيد أنملة، في مشاريع التنمية وحقوق الإنسان، وظل يجتر المفاهيم المغلقة والموغلة في القدم، كالطائفية والعشائرية والقومية، ويحاول تسويغها، وبطرق شتى. 
المطلوب من عراق اليوم، وتحديدا طبقته الساسية الحاكمة والمتصدية، أن تنتبه على تلك النقطة وتعمل بكل ما تستطيع، للتكيف مع التغيرات الحاصلة في العلاقات الدولية، وتصوغ سياسة خارجية محكمة، تراعي فيها المصالح المتبادلة، بين العراق ودول العالم. 
وهذه المهمة مناطة بالدرجة الأولى بلجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، ووزارة الخارجية، حيث تقوم بتوحيد الخطاب الوطني للرئاسات الثلاث، عند تبادل أدوارها الخارجية، وكذلك خطاب الهيئات المستقلة والأحزاب والكتل السياسية الفاعلة، بضمان عدم المساس أو التدخل أو الإساءة للانظمة الأخرى، المجاورة والإقليمية والعالمية، ورفع مكانة العراق وشأنه بين دول العالم، كبلد محايد ووسيط معتمد لحل نزاعات المنطقة، ورفع فتيل نزاعاتها، والوقوف بشكل إيجابي في جبهة واحدة مع دول العالم المتقدمة، في التصدي للارهاب والتطرف، وتجفيف مواردة الفكرية والمادية.
وعلى وزارة الخارجية، ومن أجل النجاح في نهج دبلوماسي يؤمن مصالح العراق وشعبه، أن تدقق جيدا، في السلك الدبلوماسي المعتمد لديها، عند دول العالم، والاختيار يكون مهنيا حرفيا، بعيدا عن تأثيرات المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية والعلاقات الحزبية والمصالح الضيقة. ضمانا لعلاقات دبلوماسية، شفافة وقائمة على توازن المصالح المشتركة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد آخر، وابرام الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية والتجارية، مع جميع دول العالم، خصوصا تلك التي وقفت مع الشعب العراقي بعد التغيير، في جميع المحن والأزمات التي مر بها، سيتمكن العراق حتما من بلوغ حالة الاستقرار والتقدم الناجز وفي كل الميادين. وتجربة العراق الديمقراطية استطاعت أن تكون بغداد قبلة دبلوماسية، خصوصاً في الفترة الأخيرة انفتاح العراق على محيطه الإقليمي والعربي والدولي، وأصبح البلد حلقة وصل في هذه العلاقات واستطاع أن يلعب دورا واضحا في حلحلة  الكثير من الأزمات، خصوصاً ما بين الجارة ايران والادارة الأمريكية، وما بين الأخوة في السعودية وايران وهذا دليل على أن بغداد أصبحت قبلة 
دوبلوماسية.