صور موائد الإفطار .. مشاركة معنوية أم استعراضات شخصيَّة؟

الصفحة الاخيرة 2022/04/09
...

 بغداد: نوارة محمد
اقترب موعد الإفطار، ولا يكاد يُسمع سوى صوت التكبيرات من أحد المساجد بين الأزقة التي تكاد تخلو من الخطوات في مثل هذه اللحظات، إذ ينشغل الجميع بطقوس وأجواء ما قبل الإفطار. 
لكن دينا علي، 35 عاماً، لم تسمح لأحد من أسرتها بالإفطار إلا بعد أن تُجدد حالة القصة في منصات التواصل الاجتماعي (فيس بوك وانستغرام) بوضع صورة لمائدة الإفطار مرفقة بتعليق منها (شوفوا فطورنا)! 
ومنذ أول أيام شهر رمضان وصور الموائد تجتاح منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل الكثير من رواد تلك المواقع يشعرون بالانزعاج، وتقول أستاذة اللغة الفرنسية زينة مكي، إن «غالبية رواد تلك المنصات يحاولون استعراض حياتهم الشخصية للآخرين لغرض التباهي واظهار الترف». 
وتضيف «لطالما تشعر الكثيرات بالفخر لتصوير موائد الطعام من باب التباهي أو كدليل على الشطارة (صنعة اليدين) وغيرهن انجرفن لهذه القوقعة من دون وعي وإدراك، فقط لمواكبة العصر وتحولاته عبر عادات تم اكتسابها في زمن التكنولوجيا». 
ويدفع شهر رمضان في منصتي (فيس بوك وتوتير) إلى حالة من المنافسة بين روادهما لاستعراض الموائد وأنواع الأكلات والحلوى التي قد تعكس حالة من إصابتهم ببعض العقد النفسية، بحسب الدكتور حميد يونس المختص في الطب النفسي. 
ويقول يونس إنه «ربما يعاني البعض من أزمات نفسية وتراكمات تقود صاحبها لإشباع رغبته في حُب الظهور بتلك الطرق، فضلاً عن قلة الوعي في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي». 
 ويرى الدكتور في ذلك انتهاكاً للخصوصية، والانقياد لحالة بدت مألوفة للجميع منذ أن أصبحت الحياة مادة دسمة للاستعراض، استعراض صور الترف التي يصنعها البعض وإن لم تكن واقعية.  
ويضيف أن «تقليد حياة مشاهير السوشيال ميديا ليس سوى دعاية وإعلان أثرا في تشكيل عادات غريبة كهذه». 
ويؤكد أنها «فوضى يعاني منها مجتمع اختلطت أوراقه ببعضها وبات من الصعب الوقوف بوجه ظواهره الغريبة». 
لكن ريام الحسن، 28 عاماً، لها وجهة نظر تختلف بعض الشيء، إذ ترى أن مواكبة الحداثة شيء ضروري في هذه الأيام، وتقول إن «مواكبة العولمة بدت جزءاً لا يتجزأ منا، لا بل إن صفحات الفرد على السوشيال ميديا تمثل هويته، وكلها بدت جزءاً من فردانيته». 
ولا ترى الحسن في مشاركة الأصدقاء للحياة اليومية بما فيها الموائد والولائم والأوقات الأسرية خطأ.  
إن تصوير الموائد سيحظى باهتمام كبير في هذه الأيام، إذ ستتجدد الحالات، وتُملأ القصص بآلاف الصور واليوميات، ويصارع الكثير من الرواد للحصول على أكبر عدد من «اللايكات»، ولكن يبقى السؤال الأهم من هذا، هل تسيطر الحياة الافتراضية المزيفة على الواقع؟.