عبثية ما بعد إيقاف النقل العام

آراء 2022/04/09
...

 غيث الدباغ
 
النقل العام وسيلة خدمية تقدمها الحكومة او الشركات والمؤسسات للأفراد، تساعدهم في تغيير أماكنهم مقابل الحصول على أجور رمزية وفق تقنيات ومركبات صالحة لهذه المهمة بحسب طبيعة المسافة، كما أنها تمثل جانباً مهماً لتنمية البلد، من خلال تشغيل اصحاب المهن والحرف والتخصصات كالسائقين والمنظمين للرحلات وأصحاب المهن الفنية في التسليك والصيانة، فضلاً عن المهندسين والمحاسبين وغيرها من التخصصات الاكاديمية لضمان أمان النقل واقتصاد المشروع.
هذا ما كان عليه بلدنا الحبيب في حقبة السبعينيات، ولكن لو قارنا النقل العام في العقد الألفيني الأول بالعقد الألفيني الثاني وليس بالزمن البعيد، الذي يعد هو الجوهر لوجدنا اختلافا كبيرا بأنواع وأشكال المركبات، التي صارت شوارعنا العامة لا تستوعبها نهائياً، فنشاهد الاختناقات المرورية في كل الشوارع وتلوث الأجواء بفعل عملية احتراق وقود المحركات، إضافة إلى ذلك صارت حركة الشوارع، التي كانت منظمة بسيارات شركة النقل ذات اللون الأحمر او الأصفر المميزة بشكلها ورفاهيتها، مستبدلة بمركبة حديثة عبثية جداً، سائقوها لا يمكنهم أن يكونوا ضمن نظام معين، كون المركبة صنعت لخلق الإرباك والإفراط بالسرعة، والتي هي أساساً بفضلها تتنقل الشخصيات المشبوهة، حيث حدثت الكثير من حالات الاختطاف للأطفال أو سرقة حقائب الناس المارة، وهذا مختلف تماماً عن الدول الاقليمية المحيطة بنا، فعند زيارتك لها تشاهد النقل العام برؤية حضرية متطورة بفعل الاهتمام بعمليات النقل الجماعي بشكل مبهر، كمثل التعاقد مع شركات النقل الجماعي والعقارية، التي تديرها شركات الدولة الاستثمارية او القطاع الخاص، كما أن سرعة النقل المتاحة لديهم وتكلفته وقدرته تؤثر بشكل كبير في الحيوية الاقتصادية للمنطقة، والقدرة على الاستفادة القصوى من مواردها الطبيعية، حيث في الأزمة الاقتصادية الحديثة، تعدُّ البلدان التي لم تستفد من أنظمة النقل المتقدمة، سواء لنقل الأفراد أو البضائع، خاصة اذا كانت تمتلك مسطحات مائية المسهلة لفرصة الوصول إلى الأسواق، وزيادة الإنتاج وتقليل نسبة الاحتكار وخفض سعر المواد الزراعية، كما أن النقل العام يقلل معدل حوادث السير ووفيات الأطفال، فضلاً عن رفع المستوى الاقتصادي للأفراد وخاصة الطلبة وأصحاب الدخل المحدود. 
وكوننا نسكن أرض العراق الذي هو مهد الحضارات والتقدم، فيجب أن نواكب التقدم الحضري والاهتمام في مركبات النقل العام، وعدم التجاوز عليها وعلى خطوطها، لكي نسهم في حل قضايا مشكلات النقل الشائكة ومتعددة الأبعاد فينقصنا تثقيف الأفراد على أهمية النقل العام والتخطيط لتحقيق الأهداف المنتظمة والمنسقة، حسب البيئة باستخدام تقنيات النقل الذكي وتفعيل الدور الاساسي لوزارة النقل والمواصلات، والاستفادة من أنظمة الموارد المتاحة وليس فقط النقل البحري او الطيران.