انصفوا الفقير والعاطلين بالحلول الصحيحة

آراء 2022/04/13
...

  د. علي كريم خضير
 
 تتداول وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة قصصا كثيرة عن حياة الفقراء في العراق، وقد أصبح كثرة تداولها في هذه الأوساط يفقد أثره النفسي في قلوب المتلقين، وكأنه ظاهرة طبيعية وُجد عليها الإنسان في الحياة، فإمِّا أن يكون غنياً، وإمَّا فقيراً ونحن نتجاهل في كلِّ ذلك الفوارق الجسمانية والذهنية والشخصية في الإنسان، فنقيس الضعيف بهمة القوي، وغير المتعلم بقدرة المتعلم... وهلَّم جرَّا.
 ومن هنا، فإنَّ الفعل الحقيقي الذي يصنع الحياة ليس هو تشخيص الأخطاء والمرور عليها مرور الكرام، بل وضع المعالجات العملية التي تطوّق هذه الظواهر السلبية، وتعمل على النفاذ داخلها للوقوف على أدقِّ التفاصيل من أجل فرز الحالات المتشابهة، وتوزيعها وفق نظام احصائي دقيق، بغية اعداد قوانين تنظم حياة الأفراد، وتضمن لهم العيش الكريم. 
 لذا ينبغي أن نبتعد عن العشوائية، وممارسة الضغوط للوصول إلى الحلول الآنية التي أثبتت عجزها في كل التجارب، وعلى مختلف الصُّعد، ونقولها وللمرة المليون: إنَّ العشوائية لن تصل ببلدٍ ما إلى برِّ الأمان. فحالة المجتمع العراقي تحتاج إلى دراسات ميدانية موسَّعة، وياحبَّذا لو استعانت وزارة التخطيط بوزارة التعليم العالي في توسيع مقاعد الدراسات العليا في علم الاجتماع، بشرط أن تكون حدود المشكلة محددة من قبل وزارة التخطيط للإفادة من النتائج التي سوف يتوصل إليها الباحثون بهذا الشأن، ورصد الدراسات الجيدة للتوصل إلى أسباب الفقر في العراق، هذا فضلاً عن أسباب الغنى الفاحش بين فئات كثيرة منه.
 أمَّا في الوقت الحاضر فلا مناص من اتِّباع السُّبل السابقة في تقليل الأعباء عن كاهل المواطن العراقي الفقير، ودعمه اقتصادياً بالقوت، والملبس المناسب، وذلك عبر نافذة (فتح الأسواق المركزية)، واسناد العمل بها إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لأنَّها تمتلك البيانات التقريبية عن حجم شرائح الفقراء في العراق، وهي المسؤولة عن صرف رواتب العاطلين، والعاجزين عن العمل، ليكون هذا المشروع التسويقي محدداً بهذه الشرائح حصراً، وينظم بقانون من قبل مجلس النواب العراقي، وحسناً لو أُضيفت أسر الشهداء إليه. كذلك تقوم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بوضع تعليمات مفصلة للعمل فيه. وبذلك نستطيع ان نعالج بعضاً من معاناة كثير من المواطنين، الذين تنقصهم لقمة العيش في بلدٍ أنعم عليه الباري بالخير الوفير، على أن لا تكون هذه الحلول الجزئية هي مدعاة للكسل والتواني في تطوير امكانات الشباب العراقي العاطل عن العمل بتشجيع القطاع الخاص، ليس عبر القروض، أو المشاريع الصغيرة التي غالباً ما تكون وهمية، وغير حقيقية، ولكن في إطار القطاع المختلط، والمشاريع الكبيرة التي تشرف عليها الدولة، وتراقب عملها عن كثب، ومن المستحسن أن تكون هذه المشاريع مختلفة كأن يكون هناك مشروع كبير للزراعة (على غرار مزرعة الخلفاء في واسط)، ومشروع صناعي كبير، 
أو تجاري...
 وهذهِ المشاريع برمتها سوف تضم جيوشاً من الشباب العراقي الذين يمكن استثمار طاقاتهم في تنمية الاقتصاد العراقي، وعدم اتاحة الفرصة للمتربصين بهم من الانحراف والشذوذ الاخلاقي، وبذلك سيكون للدولة الشأن الأبوي الذي يرعى الجميع بلا استثناء، ويسهم في بناء مجتمع قوي سليم قادر على الحفاظ على هويته العربية والإنسانية والتاريخية العظيمة.