ثلاثة أماكن لحرب قادمة

آراء 2022/04/13
...

  علي لفتة سعيد
بين عقد وآخر أو بين عقدين وثالث، تحصل حرب سواء بين أطراف دولية أو داخلية.. حرب تحدث متغيرات كبيرة ليس على المتحاربين، بل على الدولي، لكنها حرب لا ترتقي لكي تصل الى حرب عالمية ثالثة.
 
فتلك الشعوب مجتمعة ذاقت ويلاتها وشعرت بتدمير مرتكزاتها، لكنها من الجانب الآخر تسعى لكي تبقى في مراكز القوة والسيطرة،وإن كانت عن طريق التبعية للآخر القوي، فهي التي تحتاج الى استخدام رق أخرى لأضعاف الآخر الذي يزعزع أماكن ثوابتهم. ولهذا فإن الحرب العراقية الإيرانية مثلا، كانت من تلك الحروب التي اشتعلت مطلع الثمانينيات بهدف إضعاف قوتين بدأتا تتصارعان على النفوذ في المنطقة، وكان لا بد من كسر شوكتيهما.. فبعد وصول صدام الى السلطة في العراق ووصول الخميني الى السلطة في إيران كان لا بدّ من الإيقاع بين الاثنين لقتل التطلّع من خلال حرب استنزاف قاتلة..وحتى إذا ما انتهت الحرب كانت قوةّ الجيشين تعاظمت، بشكل مفرط، فكان اللجوء الى حرب التجويع ومقولة (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) واحدة من علامات البدء بحرب جديدة عام 1990 باحتلال الكويت، لتبدأ مرحلة استنزاف كبيرة أخرى.. ثم تأتي حرب البوسنة والهرسك التي انطلقت عام 1993 وتستمر حتى عام 1995التي سبقتها حرب تفتيت يوغسلافيا والتي سبقتها حرب تفتيت الاتحاد السوفيتي وما بينهما من حروب كثيرة يمكن تذكّرها من قبل أي متابع.
وهناك جانب آخر للحروب، فمعامل ومصانع التصنيع العسكري تنتج الأسلحة التي تحتاج الى أماكن للتصريف والبيع المستمر لهذه الدولة أو تلك وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تتسابق بشكل مفرط في تخزين الأسلحة وخاصة من أميركا وروسيا، وبشكل أقل أوكرانيا وفرنسا وحتى البرازيل وغيرها من الدول المصنّعة، التي تستوردها حكومات لا تشعل حروبا مع (الأعداء) الحقيقيين، بل تستخدمها أما لقمع شعوبها كما في المنطقة العربية قبل الربيع العربي، أو لإشعال حرب مع جيران ليبقى الاستنزاف، وكما في اليمن.. 
لكن الأكثر تأثيرا ما حصل   يسمى بالربيع العربي الذي انطلق لنقل بغفلة من التخطيط العالمي لأنه من غير المنطقي ربط (البوعزيزي) بدوامة المؤامرة، لكن يمكن للأحزاب وخاصة الإسلامية منها استغلال تلك الواقعة ليبدأ الربيع العربي، وهذه المرة بوجه آخر لا يقبل المناقشة،وهو الإتيان بأحزاب أمضت عقودا كثيرة (تقاتل) لتصل الى الحكم وزجّ بقياداتها في السجون،لا يمكن استثناء دولة عربية من ذلك، لتبدأ دوامة المتغيّرات بعد تونس في مصر وليبيا والسودان مع استمرار الحرب الداخلية اليمنية ومن ثم سوريا،التي أصبحت صخرة تصد فيها المخططات لأحداث تغيرات في طريقة الحكم، والهدف منها جعل هذه الأحزاب الإسلامية تابعة للدول الكبرى.
فكانت الحرب مستمرة حتى الآن في سوريا، لأن روسيا فهمت الدرس واللعبة التي اشتركت فيها، من أنها ستكون الخاسر الأكبر في كّل النزاعات، مثلما تكون هذه الشعوب هي الخاسر الأكبر، فلا مصر استقرت في زمن حكم الاخوان ولا ليبيا بعد القذافي ولا السودان، بينما ظلّ الخليج في منأى عن الصراعات والمتغيرات الداخلية لأن فيها حكما يفهم اللعبة.
والسؤال، هل كانت الحرب الأوكرانية الروسية هي واحدة من الحروب التي افتعلت من أجل استنزاف الدولتين؟. روسا كقطب ثانٍ يريد الانعتاق، وأوكرانيا كقوّة لها مقوّمات التحوّل الى خنجر وبديل، فيأتى بممثل كوميدي ليحكم ويتم نفخه على أنه قادر على مواجهة روسيا وتفتيت القومية الروسية وإحداث 
الكراهية؟
إن ما يحصل لن يكون الحرب الأخيرة، ولن تبقى الصين بمنأى فهي في كل يوم بحرب مع تايوان وكذلك مع أميركا في القوة الاقتصادية.
 إن التاريخ يقول.
إن الحروب ستكون مستمرة، وسيتم إيجاد حرب جديدة، وربما القادم ثلاثة أماكن.. تركيا مع أية دولة.. أو الداخل الروسي حيث تشتغل أميركا على إضعاف القوة 
العسكرية.. أو داخل أوروبا نفسها، حين يرتد عليها سهم السماح بذهاب بعض أفرادها كمقاتلين ضمن عصابات داعش أو حتى في أوكرانيا بحجّة مقاومة التدخل الروسي ونصرة (الحرية)، فهؤلاء بارود يتم تحويلهم الى رصاص في أية لحظة لتشبّ الحرب، فبعض بوادرها تلك التظاهرات التي تبدأ وتنتهي مخلّفة آثارها 
القوية.