انسداد

آراء 2022/04/13
...

  د.عبد الخالق حسن
 
أربعة أشهر مضت منذ انتخاب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ولا حلَّ تقدمه القوى السياسية لفك الانسداد السياسي الذي دخلت فيه العملية السياسية.
فيعد الفشل المتتالي في تحقيق نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، صار واضحاً الحلول باتت شحيحة مع تمسك كل فريق من الفريقين الفاعلين بمواقفه. ويبدو أن الجميع لا يريد التنازل أو الوقوف في مسافة صفرية تلغي حالة التزمت السياسي، التي سمحت بخرق المدد الدستورية التي تمثل الضابطة الأساسية في بناء الدولة وفق منطق سياسي لا يسمح بتشويه وجه الدولة، الذي نريد أن يكون وجهاً حضارياً يرسخ الفعل الديمقراطي لتجربتنا السياسية.
الأهم هنا هو الإشكالات والمآزق التي تتناسل يوماً بعد آخر بسبب النقص القانوني الملازم لعمل الحكومة، بعد تحولها لحكومة تصريف أعمال يومية. وهذا بطبيعة الحال يترتب عليه فقدانها للكثير من صلاحياتها التي تدير بها الدولة. 
قد يكون تحول الحكومة في العراق إلى حكومة تصريف أعمال ليس حدثاً نادراً في العالم. فالكثير من دول أوروبا مرت بهذه التجربة الإدارية. 
لكنَّ الفرق هنا أن تلك الدولة مكتملة من حيث البناء السياسي، فضلاً عن أنَّها دول مكتملة الخدمات ولا تعاني من أزمات 
وخراب. 
لهذا فإنَّ بقاء حكومة تصريف الأعمال في العراق لمدة أطول من الطبيعي سيكون ثمنه منعكساً على تفاصيل الحياة اليومية، لأنَّ هذه الحكومة غير قادرة على إرسال قانون الموازنة مثلاً إلى البرلمان من أجل التصويت عليه، بما يعني تلكؤاً في الجانب المالي والخدماتي والاقتصادي. 
وليس خافياً ما نعانيه اليوم من أزمات قد تذهب بالبلد إلى مجهول لن يستطيع أحدٌ توقُّعه.
المسؤولية اليوم خطيرة على القوى الفاعلة سياسياً من أجل إخراج البلد من هذه الأزمة السياسية. ولا بأس هنا أن تتشارك هذه القوى في تقديم 
التنازلات. 
فالتنازل في مثل ظروفنا ليس خسارةً، بل هو ربحٌ للجميع. يمكن هنا أن تعيد القوى السياسية مسار المفاوضات المتعطلة بين أهم فاعلين سياسيين، وهما السيد الصدر وقوى الإطار، وأن تقود القوى السنية والكردية مثلاً جهود تقريب وجهات النظر 
بينهما. 
لأنَّه برغم أن المشكلة في ظاهرها تبدو متعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية الذي هو من حصة الكرد، لكنَّ المشكلة تقع في الخلاف الشيعي الذي تتنازعه رؤيتان لقيادة المرحلة القادمة. وإذا ما انتهت هذه المشكلة الشيعية سيكون مفتاح الانسداد حاضراً من دون أي جهد سياسي معقد.