اسمُها فاطمة ابنةُ فاطمة

ثقافة 2022/04/13
...

  علي وجيه
 
أعوادُ الريحانِ تنقعُ تحتَ صنبورِ الحديقةِ
يسيلُ عليها ماءُ الحنفيّةِ
فلا يشعرُ أخضرُها إلّا بما هو معتاد.
لحظةً، يسيلُ عليها ماءُ وضوئها
الماءُ الأسمرُ، بالبسملاتِ المُتتابعةِ
فينتقعُ الريحانُ مرّتينِ
وتنمّشُ وجهَهُ نقاطُ باء البسملات.
على سريرها، بينَ صورةِ “صروطَ»
والإمامِ بسيفِه المفلوق
وبين المسبحاتِ الزرقِ على عمودِ السرير
كانت تضعُ تربتينِ فوقَ بعض
كأنَّها تستنسخُ صلواتِها.
بين يديها كتابُ الله
بالزخارفِ الملوّنةِ والأحرفِ الكبيرة
وأعواد الريحانِ الحبريّةِ
كانتْ، وهي الأمّيةُ، تختمُهُ بصراً
تمرّ على الكافِ والنونِ
ولا تقولُ “كن”، لكنها 
لم تمر أبداً على السطورِ التي تصنعُ قوماً خائفين
أو مساكينَ يدفعونَ الجِزيةَ وهم صاغرون.
حبٌّ وأكمام، جنانٌ بأفنانٍ وديباج
كتابُ ربّها بينَ يديها
كانتْ، دونَ أن تعلم، تنسخُ آياتٍ كثيرات
حين ذهبتْ بكلّ الكواعبِ المُضيئاتِ
والولدانِ المُخلّدين
إلى المطبخ
لتُطعمَهم خُبزَ الرزّ والبيض
بعيداً عن باهِ الصحابةِ والتابعين.
ومثلما فارَ الشايُ والتنّورُ في شبابها
وصار موائد للعشيرةِ
تقدّمُ مائدتها للضيوفِ الراحلين
ركعتانِ لگاطع ابن هادي
واثنتانِ لسكنةَ، وچثير عبد الحسين
وقسمة، وابنتِها التي أكلها السرطانُ
فضربت الجلطةُ الدمويّةُ
الركعةَ الرابعةَ من صلاة العِشاء.
تدورُ المسبحةُ
فيما يدورُ نسيمٌ باردٌ
في مقبرةِ النجفِ
على شواهدِ العشيرة.
ينتقعُ عودُ الريحانِ
والماءُ الأسمرُ يصبغُ وجهَ الطين
ينتقعُ دعاءُ كميل
يتبلّلُ دعاءُ الافتتاح
يتنفّسُ الصبحُ بصلاتِها على محمّدٍ وآلهِ
وحينَ تصلُ الركعةَ الحاديةَ عشرة
من صلاة الليلِ
تزنّرُ أحفادَها المتناثرين تحت النجومِ جميعها
وتنظرُ لصورةِ الإمامِ، بسيفهِ المفلوق
«يا عليّ، أمانتي عندك”.
قربَ قدميها كيسُ الدواء
وعند رأسها
مسواكُها، وطيبُها، والجوزُ المرّ
وكتابُ اللهِ، الصورةُ
يختمُ نفسَهُ لأجلِها وهي نائمة.
أعوادُ الريحانِ منقوعةٌ 
والرُكعُ، باللفظةِ الجنوبيّة، مستمرّةٌ
وفاطمةُ على سريرها
ولو أنَّ حفيداً
دخلَ الغرفةَ فجأةً
لوجدَ صروطَ وهو يضعُ عباءته على كتفها
والأسدَ عند قدميها
وابتسامةً هادئةً
على وجه الإمام.