المركز الاجتماعي

آراء 2022/04/16
...

  ريسان الخزعلي
 
بعد عام 2003 وبسبب  التحوّلات اليساسية والاجتماعية والاقتصادية  التي حصلت، برزت ظاهرة  (المركز الاجتماعي)  في بلادنا بطريقة غير معهودة، إذ أصبحت الجماعة أو العشيرة أو الفرد، الكل يبحث عن تحقيق هذا المركز في المجتمع بطرائق مختلفة من دون التوافر على شروطه  ومقوّماته. وقد اختلط مفهوم المركز الاجتماعي مع مفهومي المنزلة الاجتماعية والدور الاجتماعي نتيجة التشابه الاصطلاحي بين هذه المفاهيم.
إن َّ أول مَن استعمل اصطلاح المركز الاجتماعي – كما جاء في معجم علم الاجتماع -  العالم ( راد كلف براون ) عندما أراد تحديد النقطة التي يحتلها الفرد في التركيب الاجتماعي . وبيّنَ للتوضيح قائلاً: في بنية العلاقات القرابيّة هنالك مراكز متعددة مثل مركز: الأب، الأم، الإبن، البنت. وقد أوضح، أنَّ هذه المراكز جميعها هي أحكام ومقاييس أخلاقيّة واجتماعية تُحدد السلوك الاجتماعي اليومي للفرد. كما ميّزَ بين المركز الاجتماعي والدور الاجتماعي بقوله: إن هنالك فرقاً بين التركيب الاجتماعي والمنظمة الاجتماعية، فالمنظمة الاجتماعية مثل المدرسة تتكون من مراكز مختلفة مثل مركز مدير المدرسة ومعاونيه، مركز المعلمين والطلاب. لكنَّ سلوك هؤلاء هو نظام من الفعاليات والنشاطات يُمكن تسميته بالأدوار التي تُشكّل نظاماً متكاملاً يُنسّق علاقاتها الواحدة بين النظامي (التركيب) والمنظمة، فالبناء النظامي يتكون من أدوار مختلفة تعمل بصورة متكاملة ومتناسقة مثل أدوار: الضباط والجنود، الأزواج والزوجات، الأطباء والمرضى، الأساتذة والطلاب... الخ . أما المنظمة، فهي جمعية أو مؤسسة ينتمي إليها الأفراد لتحقيق أهدافهم الحياتية مثل: المصنع، المدرسة، العائلة، الجامع... الخ .
إنَّ توصيفات علم الاجتماع هذه، وتوضيحات علمائه، ومن بينهم العالم (راد كلف براون) حول التمييز بين المركز الاجتماعي والدور الاجتماعي والمنظمة الاجتماعية، لا بدَّ أن تكون من مدركاتنا اليومية وتشاغلاتنا الأساسية، حينما يتطلب منّا الموقف أن نبحث عن مركز اجتماعي أو دور اجتماعي،  كي لا تختلط المفاهيم وتضيع الكثير من الأهداف التي تطمح لأن تُحقق ما نصبوا إليه، من أجل بناء مجتمع أرقى وأنقى وأبقى. وهنا لا بدَّ من التأكيد، بأن الحصول على المركز أو الدور لا يتم بأفعال قسريّة، وإنما يتأتى بفعل مقوّمات وشروط معرفية وفكرية وثقافية وكاريزميّة وسلوكية، وتضحيات ذاتية نبيلة من أجل كل ما هو موضوعي وانساني يضع خدمة المجتمع في خط الشروع 
الأوّل.