محمد عجيل
تصوير: نهاد العزاوي
شهد قطاع الدفاع المدني تطوراً ملموساً بعد المتغيرات السياسية في العراق، وازدياد الحاجة إليه خاصة مع انتشار العمليات الإرهابية التي طالت ممتلكات المواطنين من محال تجارية وبيوت ومركبات، ما تطلب زيادة حجم الدعم المقدم لهذا القطاع من حيث توفير المركبات الخاصة، وزيادة عناصره من القدرات الشابة، وإدخال أجهزة متطورة مع فتح دورات تدريبية تشمل المنتسبين وضباطهم، إذ تلقى عليهم محاضرات تتضمن أهم ما وصلت إليه تقنيات إطفاء الحرائق والتعامل مع الكوارث الطبيعية والصناعية، وكيفية التنسيق مع الأجهزة الحكومية الأخرى، ومنظمات الدفاع المدني، إضافة إلى رفع وعي وثقافة المواطن واطلاعه على مجمل الأسباب المؤدية إلى تلك الكوارث وكيفية التعامل معها.
وفي الآونة الأخيرة استجدت كوارث، كان لا بد من التعامل معها ومتابعتها وهي الآبار الارتوازية سواء تلك المتواجدة في الأضرحة والمقامات أو في الأراضي الزراعية والتي أصبحت تشكل مصدر قلق للأسر بعد وقوع عدد من الأطفال فيها، كما حدث في مقام عمران بن علي في مدينة آثار بابل، ولولا عناية الله وجهود رجال الدفاع المدني لكانت نهاية مأساوية للطفل الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، إضافة إلى والده البالغ من العمر ثمانية وعشرين عاماً.
واجبات متعددة
يقول مدير الدفاع المدني في بابل العميد حامد حسن المعموري: إن مؤسسة الدفاع المدني لم تعد مقتصرة على إطفاء الحرائق أو التصدي للكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والهزات الأرضية، حيث شهدت الحياة العامة تطورات كان لا بد للدفاع الوطني الوقوف عليها مثل التصدي للعمليات الإرهابية التي طالت المدن العراقية والتي تضمنت أفكاراً هدامة كانت تستهدف كل شيء، سواء كان متعلقاً بالمواطنين او بالأجهزة الحكومية، وكان لزاماً علينا الوقوف بوجه تلك الهجمة الشرسة لغرض حماية المواطن وممتلكاته، وأكد أن رجال الدفاع المدني كانوا متواجدين في كل حادث كان يستهدف المواطن، ونحمد الله أننا حققنا مبتغانا في تقليل الخسائر سواء بالأرواح أو الممتلكات، وتعرضت أجهزتنا ومنتسبونا إلى مواقف صعبة كان من نتيجتها بذل الغالي والنفيس والاستشهاد من أجل الوطن والمواطن، وأوضح أن الأدوار التي تقوم بها مؤسسة الدفاع المدني كثيرة، ومنها على سبيل المثال متابعة مخاطر الآبار الارتوازية في الأضرحة والمقامات وفي المناطق الزراعية المتروكة، وكان لنا دور كبير في إنقاذ حياة المواطنين، ولكن للأسف الإعلام لم يتعامل مع هذه الجهود مثلما تعامل مع حادث غرق الطفل المغربي الذي فشلت أجهزة الدفاع المدني في إنقاذه. وأشار إلى الواجب الآخر المستجد الذي قامت به أجهزتنا وهو مواجهة وباء كورونا من خلال تعفير الدوائر والمدارس والجامعات والمصانع الحكومية والخاصة والمستشفيات وحتى الشوارع وفي ظل هذه الواجبات المتعددة شهدت أجهزة الدفاع المدني تطورات، إذ ازدادت الوحدات العاملة في الأقضية والنواحي، وزاد عدد المركبات المتطورة والتي تضاهي مثيلاتها في العالم، كما شهدت السترات الواقية وبدلات المنتسبين هي الأخرى تطوراً كبيراً.
جهود ولكن
يرى المواطن عباس ساهون من مدينة الحلة أن جهود رجال الدفاع المدني واضحة خاصة في السنوات الأخيرة، إذ انتشرت وحدات ودوائر هذه المؤسسة في الأقضية والنواحي، ولكن ما يعاني منه المواطن هو عدم سرعة وصول وحدات الإطفاء والمعالجة إلى أماكن الحوادث، وقال: تعرضنا إلى حادث حرق في دارنا واتصلنا بالدفاع المدني، لكن لم تصلنا السيارة إلا بعد مرور ساعة تقريباً في الوقت الذي أخذ من بيتنا الحريق مأخذه، ويضيف مواطن آخر "لقد تعرضت مركبة والدي إلى حادث غرق في أحد الأنهار، وحينما اتصلنا بأجهزة الدفاع المدني قالوا لنا انتظروا حتى تعود المركبتان من موقع حادث آخر، وانتظرنا قرابة ساعتين من دون أن نحصل على عمليات إنقاذ، واضطررنا إلى الاستعانة بأجهزة القيادة الخاصة"، هذه المعاناة عدنا وطرحناها على العميد حامد المعموري الذي أجاب "أن وصول مركبات الإطفاء إلى مكان الحوادث يتعلق بمدى إمكانية الحصول على طريق مفتوح خالٍ من العقبات، وإن هذا الأمر يتعلق أولا بغياب الشارع الخاص في المدن لمركبات الدفاع المدني والاسعافات الصحية، ويسمى شارع الطوارئ، والعقبة الأخرى هي غياب الوعي لدى المواطن وسائقي المركبات في إمكانية فتح الطريق لمركبات الدفاع المدني على اعتبار أنها تقوم بواجبات إنسانية تتطلب مساعدة الجميع، ورغم التنسيق المتواصل مع أجهزة المرور إلا أننا نجد صعوبة في سرعة الوصول إلى أماكن الحوادث، ومن خلالكم نطالب دوائر الطرق والجسور بالعمل بجدية لإنشاء طرق خاصة لمركباتنا واسعافات وزارة الصحة"، وتطرق المعموري إلى الصعوبات الإنسانية التي تواجه رجال الدفاع المدني مثل الإبلاغ الكاذب من قبل بعض ضعفاء النفوس الذين يتصلون بالدوائر ويبلغون عن كوارث ليست حاصلة، وهذا يجعلنا ندفع جهوداً بدنية وفنية نحن في غنى عنها، كما أن بعض المواطنين غير متفهمين لعملنا، إذ يبدؤون بالتجاوز على مفارز عملنا عندما يجدون أن الخطر أخذ يداهم ممتلكاتهم، وإن الأمر غير متعلق بقدراتنا بقدر تعلقه بوصولنا المتأخر في بعض الأحيان للأسباب التي ذكرناها سابقاً".
دورات تطويرية
وحول النهوض بواقع المؤسسة الفني قال العميد حامد المعموري: "إن وزارة الداخلية ومديرية الدفاع المدني العامة حريصتان كل الحرص على تطوير واقع المؤسسة بما يخدم تطلعات المواطن وأهداف الوزارة، ومن أجل تطوير إمكانيات رجال الدفاع المدني فإن هناك دورات تطويرية متكاملة تقام بين الحين والآخر من أجل الاطلاع على آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا العمل في مجال التصدي للكوارث والحوادث، إضافة إلى تجديد منتسبي الدفاع المدني بعناصر شابة متمكنة من مواجهة التحديات"، وأضاف "إن للمواطن حصة وأهمية في تلك الدورات، إذ تشترك جميع المؤسسات الحكومية في الدورات التي تقيمها والتي من خلالها تستهدف رفع ثقافة المواطن سواء في دائرته أو في بيته، كما تقوم أجهزتنا بين فترة وأخرى بفعاليات من أجل كشف القدرات الفنية ومعالجة الأخطاء إن وجدت، ومن خلالكم ادعو جميع المواطنين إلى التحلي بالصبر أثناء تواجدهم في أماكن الحوادث والكوارث، وإعطاء رجال الدفاع المدني الفرصة الكافية للتعامل معها، لأنهم مدربون للتعامل معها على أحسن وأكمل وجه، ولا نحتاج سوى أن يشعر المواطن بأننا مشروع فداء للحفاظ على روحه وممتلكاته.