مستشفيات الحكومة

آراء 2022/04/17
...

 بشير خزعل 
 
للواقع الصحي أهمية كبيرة ضمن مؤشرات التنمية ومستوى المعيشة، فللصحة علاقة وثيقة ببناء القدرات البشرية، وهي عنصر جوهري في نمو اقتصاد الدول، وكما هو الحال في واقع التعليم الحكومي الذي أصبح خاويا من جوانب كثيرة، فالواقع الصحي في العراق هو الآخر تردى الى مستوى لا يسر السامع والناظر، فلم يعد المواطن يفكر بإجراء أي عملية جراحية داخل أي مستشفى حكومي إلا إذا كان مضطرا بسبب وضعه المادي، وعليه أن يتحمل الهم والغم والعواقب، ولنا الدليل بالأفواج التي تسافر يوميا من أجل العلاج الى دول مختلفة كالهند وتركيا وايران ودول أخرى في أوروبا وآسيا خير مثال، على مدى العقود الأربعة الماضية عانى العراق من تراجع مستمر في الوضع الصحي منذ منتصف القرن الماضي بسبب الحروب والحصار الاقتصادي الذي استمر لأكثر من اثنتي عشر عاما، فضلا عن عدم الاستقرار السياسي والفساد الإداري والمالي الذي استشرى بعد العام 2003، الأمر الذي أدى الى تدهور كبير في مستوى الخدمات الصحية والطبية في ظل غياب الإرادة السياسية والرؤية الستراتيجية للنهوض بهذا القطاع المهم والحيوي ضمن منظومة التنمية الشاملة. وبعد أن رفعت مستشفيات الدولة العراقية رايتها البيضاء مستسلمة أمام مشكلات وتداعيات متنوعة وكثيرة لم تفلح الحكومات السابقة واللاحقة بتداركها أو الالتفات اليها، ثم أصبحت المستشفيات الأهليَّة هي الحل البديل بشرط أن يقوى المريض على دفع التكاليف المادية للعلاج من الأمراض التي يمكن تداركها حسب إمكانيات المستشفى الأهلي، فالعمليات الصعبة لا بديل عن إجرائها في الخارج برغم وجود الكفاءات العلمية والمهنية من أطباء وممرضين، إلّا أن النقص والعجز الكبير في الجوانب الفنية والادارية وتردي واقع الخدمات أدى الى شلل تلك الكفاءات ودفعها للهجرة، الأمر الذي زاد من سوء الأوضاع بشكل كبير. من واجبات وزارة الصحة العمل على تحقيق الأهداف المحددة دستوريا وقانونيا الخاصة بوجود نظام صحي واضح، تسهم فيه جميع الأطراف المعنية كالقطاع الخاص والمشترك ومنظمات المجتمع المدني وجميع أفراد المجتمع باعتباره المعني الأساسي في الحصول على خدمات صحية ذات جودة عالية، فضلا عن أهمية وجود التزام دولي حقيقي لتقديم الدعم الفني واللوجستي بالتعاون مع المنظمات الدولية المختلفة كمنظمة الصحة العالمية (WHO) وغيرها من المنظمات الأممية والمانحة، لكن مع استمرار غياب نظام صحي متكامل وغير متطور ولا يمتلك رؤية مستقبلية تتوفر فيها الأدوات المناسبة والإمكانيات المتاحة القادرة على إيجاد آليات تنفيذية حديثة تعتمد خططا وبرامج قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى بناءً على مؤشرات دقيقة وصولا لتحقيق الأهداف المنشودة ضمن مشروع التنمية المستدامة للدولة، ومع استمرار تفشي الفساد واللا مسؤولية سيتهالك النظام الصحي في العراق أكثر مما هو عليه الآن وسينحدر نحو الأسوأ وصولا الى مرحلة الإفلاس المعنوي وفقدان السمعة.