التطور من حيث وصل لا من حيث بدأ

آراء 2022/04/23
...

 ماهر عبد جودة
 
العراقيون اليوم، أمامهم تحدٍ كبير، واختبار صعب، وهم يعيشون واقعا سياسيا واجتماعيا، وفكريا، يختلف تماما عما كان في عهود الظلام والتعسف والدكتاتورية، التي امتدت عقودا طويلة، فهم في لحظة زمنية فارقة، حادة ومفصلية، بين الجمود والتقوقع، واعادة القيم والمفاهيم، المغلقة والمريضة والشوهاء، وبين ارتياد عالم النور، وتبني الرؤى الأرحب، في إدراك ضرورات الزمن ومستلزمات العيش والتقدم. 
وبين هذا وذاك، نلمس صراعا مريرا، وتنافسا حادا وصاخبا، يتمظهر واضحا في كل حراك، ويلقي بظلاله الواضحة، على مجمل حياتنا السياسية والاجتماعية، والفكرية ، ويحدث صدمة تبدو جلية في أذهان العراقيين وعموم تصوراتهم، باتجاه القبول والرضا بكل مستجد عن قناعة واستيعاب، وبين الرفض وعدم الإذعان السلبي، لكل الذي يتم تداوله، مما يفرزه عالم الفكر والسياسة ومنطق التقدم. 
ماتقتضية حياتنا اليوم في العراق، لكي ننجح ونلحق بركب التطور والمدنية، خصوصا ونحن نعيش الديمقراطية بخطوطها العريضة، إن نؤمن تماما بأن ما ينتجه حاضر البشرية، من انجازات فكرية ومادية، هي ليست ذاتها التي كانت في الماضي، وما سينتج في المستقبل يختلف حتما عما أنتج في الحاضر، وهكذا الحياة بمنطقها الجدلي المتصارع والمتحرك، الذي اراده آلله سبحانه وتعالى لها ولكل من هو حي فيها، وربما هو السر الذي أدركته الدول المتقدمة، وكان سبب ما أصاب ملامح حياتها من تطور  ورخاء. 
فعندما نواجه مشكلة الجفاف وشح الامطار، نتيجة التأثيرات المناخيه، فنحن بحاجة لحلول سريعة وطارئة، وهي متاحة وتنتج بكثرة في المؤسسات العلمية للدول المتقدمة، كمعدات الري الحديثة، وأصناف البذور المحسنة الكبيرة الحجم، والتي تتحمل الجفاف لفترة أطول، وأنواع الأسمدة التي تطيل فترة اخصاب التربة، لأنها مصنعة بجزيئات معقدة ومتفرعة، وتمسك بجزيئات التربة بقوة، ولا يمكن غسلها بسرعة عند سقي الأرض وريّها.
وإذا كان لا بد من تحصين المجتمع ووقايته، من الأمراض والأوبئة السارية والمعدية، علينا اللجوء إلى اللقاحات المضادة، كالذي شهدناه في جائحة كورونا، وكيف أن المختبرات ومراكز البحوث للدول المتطورة، سارعت وبكل ما لديها من خبرة علمية متراكمة إلى إنتاج اللقاحات، التي كانت خلف إضعاف الجائحة، وقرب الوصول إلى انهائها.
وفي عالم السياسة، فإن العالم استفاق ومنذ فترة طويلة، إلى ضرورة إنها الصراعات الاثنية والدينية والطائفية، وبناء دولة المواطنة، والتسامح، وحقوق الانسان، والعدالة في توزيع الثروة. 
هذه امثلة قليلة نسردها في هذا المقال، ونضعها أمام نظر ساستنا، ومفكرينا، ونخبنا الدينية والعشائرية والشعبية، بأن نبتعد عن المواقف السلبية، التي قد تدفعنا للمكابرة ومعاداة التقدم والحضارة، وعلى خلفية دينية ومذهبية وعرقية، تسبب لنا ويا للأسف ضياعا للزمن والفرص المتاحة، في بناء الوحدة ورص الصف، وإنجاز مشروع دولة 
المواطنة.