البطاقة الوطنيَّة وتبسيط الإجراءات الحكوميَّة

آراء 2022/04/23
...

 علي لفتة سعيد
لا تكون المقترحات الحكومية فاعلة إن لم يكن التنفيذ فاعلا ومنجزا وسريعا، ولا يمكن أن تكون القوانين فاعلة إن لم تكن الإجراءات المتخذة لتنفيذها فاعلة ومهمة ولا تلبس ثوب التعسّف من جهة،والاجراءات البيروقراطية من جهة أخرى، خاصة ونحن نعيش ركودا وظيفيا وتخمة وظائفية تزيد من حجم التهرّب وتضيع ساعات العمل بشكلٍ ممل
 
حتى لكأن المواطن لا يرغب بالذهاب إلى أية دائرة حكومية لإنجاز معاملة، لإدراكه أنها لن تنجز وأن الموظف سيبحث لا عن سبل الانجاز، بل عن خطوات العرقلة، كونه يعيش حالتين متصادتين.. الأولى روتينية العمل، والخوف من وجود نواقص في المعاملة فيتعرض إلى المساءلة، وربما الاتهام، والثانية وجود قصدية وعرقلة مقصودة بهدف (الرشوة). ورغم أن الكلام لا يعبّر عن تميم كامل، لكن الحالة مشخّصة بهذه الطريقة من قبل الجميع حتى الموظف الذي يعرقل المعاملات، هو ذاته الذي يشتكي من عدم انجاز المعاملات إذا ما كان هو مراجعا في يوم ما. فما بين الموظف المتسرّب من العمل والاجراءات التي تعرقل الموظف أو التي تكمل مهمة انجاز العمل، يبقى المواطن عاجزا عن الوقوف على حقيقة ما يجري.
إن الكثير من الإجراءات التي حصلت في العراق ما بعد 2003 هدفها تبسيط إجراءات المعاملة من أجل تقديم أفضل الخدمات إلى المواطنين.. ومنها ما هو متعلّق بإجراءات البطاقة الوطنية والتي جاءت من أجل اختصار الأوراق ومعالجة نقص المعلومات وتجديدها وحفظ الجذور والمكتسبات وحتى معالجة تشابه الأسماء، لذا كانت البطاقة الوطنية واحدة من الإجراءات الجيدة التي دأبت وزارة الداخلية على تخصيص أماكن وموظفين وضباط لإنجازها.. ولكن هنا وعلى الرغم من قيام الموظفين من كادر البطاقة التابعة لوزارة الداخلية لإنجاز العمل رغم الازدحامات الشديدة، إلا أن هذه الإجراءات تبقى ناقصة كون فقرات الإجراءات لم تكتمل، ومنها شح في البطاقات وإبقاء المواطن في حالة انتظار لأشهر عديدة حتى يحصل على البطاقة، وهو الأمر الذي يؤدّي إلى أن المواطن في كلّ معاملة جديدة كالحصول على جواز سفر مثلا عليه الاتيان بما يسمى صحة صدور وبطاقة قيد من دائر البطاقة الوطنية التي هي بكل تأكيد في مكان آخر، وهو ما يعني بدلا من تسهيل الإجراءات وتبسيطها صارت تصعيب الإجراءات وتعقيدها.
إن الإجراءات التي تتّخذ من قبل هذه الوزارة أو تلك، عليها أن تكون منتهية من جميع فقرات المقترحات التي تروم تنفيذها، وهو الأمر لا ينطبق فقط على البطاقة الوطنية، بل أغلب مقترحات وزارة الداخلية بما فيها لوحات السيارات وغيرها وكذلك دوائر العدل والضريبة وحتى البلدية لأن الاجراءات تكون صعبة ليس على المواطن فحسب، بل على الموظف أيضا الذي يبقى خائفا من وجود ثغرة في التطبيق، ولهذا نرى أغلب الموظفين هم مدققو النواقص أكثر منه منجزي معاملات، حتى لا يكاد مراجع لا يشكو من صعوبة الإجراءات وتطبيقها.
إن تبسيط الإجراءات يتطلّب التهيئة الكاملة للمقترحات من أجل ألا تحصل عرقلة في الانجاز، ولا نزيد من فتق البيروقراطية، ولا تتّسع مساحة الرشوة في هذه الدائرة أو تلك.