فنانو أوكرانيا: التلاعب بالفن أكثر صعوبةً من إعادة كتابة التاريخ

ثقافة 2022/04/25
...

 ترجمة: ثريا جواد
 
اضطر الكثير من الفنانين الأوكرانيين إلى ترك منازلهم وعملهم مثل العديد من مواطنيهم، ولكن ردة فعلهم على الأحداث كانت عن طريق مواهبهم، إذ يحاول الرسامون الأوكرانيون ورسامو الكاريكاتير إيجاد التعبير الفني الذي يجسّد سقوط القنابل الروسيَّة على بلادهم، وذلك بمناسبة مرور أكثر من 200 عام على إحياء فرانسيسكو غويا ذكرى المقاومة الإسبانية لجيوش نابليون في الثالث من مايو 1808، وكان عمله الرائد عن أهوال الحرب. يقول الفنان اندريه رويك، 27 عامًا، والذي ولد ولا يزال يعيش في لفيف بالغرب: «عندما بدأت الحرب توقفت كل هذه العملية الفنية» كان من الصعب للغاية العمل والرد على ما كان يحدث في البلاد، تطوعت بمساعدة اللاجئين الذين جاؤوا إلى لفيف وقمت بقيادة متطوعين إلى أماكن مختلفة بصفتي فنانا أوقفت أنشطتي مؤقتًا، إذ جعلتني الحرب أتصرّف بطريقة مختلفة تمامًا. استغرق الأمر وقتًا قبل أن يتمكّن الفنان من استئناف عمله وتعلّم العيش مع أصوات صفارات الغارات الجويّة المستمرة والليالي التي كان يقضيها في الملاجئ والغارات الجويّة التي أصبحت طبيعيّة جديدة، وأضاف: في مرحلة ما بدأت في التكيّف مع الحرب، لقد تحول نوعًا ما إلى روتين وفي لوحاتي لديَّ رؤية للسلام.. السلام الذي أريد أن أراه.  تمثل اللوحة الأولى لرويك منذ بداية الغزو الروسي ورؤيته لحالة سلام مثالية بعد تلك الأحداث الدمويَّة غير الإنسانيَّة التي تحدث الآن.أما الشاب سرجي رادكيفيتش 35 عامًا، وهو فنان من لفيف كافح أيضًا في البداية للتركيز على فنّه، قائلاً إنه وضع مرهق للغاية بالنسبة لنا جميعًا، كان من الأسهل بكثير الرد على الحرب في البداية من خلال العمل مع الناس في «المهام الميكانيكية» مثل شراء الأدوية أو التطوّع بدلاً من خلق الفن، لكن بالنسبة لي الفن مثل الكلام، الحوار، ومن الصعب جدًا بناء هذا الحوار، لقد دُمرت من الداخل، ويبدو أنّك غير قادر على إيجاد طريقة للتحدث. بعد أسابيع قليلة من اندلاع الحرب «تلقيت عروضا لشراء أعمالي من اليابان وأوروبا والولايات المتحدة، وقررت استغلال الفرصة حتى أظهر للعالم بأسره عنف وعدوان الصراع» الذي وصفه بأنّه إبادة جماعيَّة، «نحن بحاجة لإظهار القسوة الحقيقيَّة والقسوة البشعة» وفق تعبيره.  تحاول دارينا موموت، 28 عامًا، خبيرة فنية ومؤسس مشارك لمؤسسة Cittart وهي منظمة أوكرانية تساعد في تمويل وإيجاد مأوى وموارد للفنانين، وغرضها الترويج للرسامين ورسامي الكاريكاتير والرسامين في البلاد وجميع أنحاء العالم، إذ أطلقت تطبيقًا يمكن للأشخاص شراء أعمال فنان أوكراني بنقرة واحدة يذهب عشرون بالمئة من كل عملية بيع لجهود الإغاثة الإنسانيَّة. قالت: الفن يساعدنا على إدراك ما نمرُّ به، لأنه يجسّد تجارب الناس وهذا مهم للحفاظ على الذاكرة ونقلها عبر الأجيال في شكلها الحقيقي، إذ (يصعب التلاعب بالفن أكثر من إعادة كتابة التاريخ).- في اليوم الذي غزا فيه فلاديمير بوتين أوكرانيا تعهّدت كيندر البوم الاسم المستعار لفنانة من غرب أوكرانيا بعدم مغادرة بلدها أبدًا وأضافت: „لم أكن أريد أن أقرأ عن الحرب في الأخبار، شعرت أنه من المهم أن أبقى وأشعر بكل هذه الأحداث، كنت أرغب في تجربتهم، بالفعل ساعدني جو الخوف والملاجئ والتهديدات والتفجيرات على صنع فن حرب“.وأشارت إلى أن قبل الحرب كان لدي متسع من الوقت، أما الآن لا أفعل، وعندما ألقي نظرة على رسوماتي وهو ما فعلته عندما بدأت الحرب للتو، فإنها تلتقط مشاعر ومشاعر مختلفة تمامًا مقارنةً بالعواطف الأحدث، رسم الحرب بالنسبة لي مثل العلاج بالفن، إنها „وسيلة للتعبير عن المشاعر والعواطف.. أنا فقط أخرجهم من نفسي، إنه روتيني وشيء فعلته قبل الحرب، لذلك عندما أفعل ذلك أشعر نوعًا ما كما لو لم تكن هناك حرب، وأن هذه أوقات سلميَّة“. 
- قبل الغزو كانت الأختان فيلدمان، ميشيل ونيكول - المعروفتان معًا باسم سيستري فيلدمان، وهما من فناني الشوارع ورسامي الكاريكاتير الذين ولدوا ونشأوا في دنيبرو لم يشاهدوا الحرب إلّا في الأفلام، لذلك عندما اشتعلت ذُعرنا، تقول أحداهما، „كنت أعلم أنني يجب أن أفعل شيئًا ما لأشغل نفسي، لذلك بدأت في غسل الأطباق ولكن بعد ذلك أدركت أنه لم يساعد، قررت الرسم“. - الفنانون الأوكرانيون قادرون أخيرًا على التحدث إلى العالم من أجل الأمة بأكملها وخلق القيم التي سيتم نقلها لأعوام عديدة مقبلة ونقل الأحداث المروعة التي واجهها الأوكرانيون من خلال الفن. 
عن الغارديان