ثـمـنٌ مدفوع

آراء 2022/04/27
...

  سعد العبيدي 
 
شرعت تركيا بعملية قفل المخلب العسكرية في الشمال العراقي (كردستان) استخدمت فيها الطائرات المقاتلة والمسيَّرة والسمتيات، وكل أنواع المدفعيَّة، مع قوات خاصة أنزلتها في أكثر من مكان، عملية عند النظر إليها سياسياً فهي في الأعراف، والقوانين الدوليَّة انتهاك لسيادة دولة جار، لا يفترض السكوت عنه، لكن النظر إليها من زوايا السياسة لا يكفي لفهم موضوعها المعقد، ولمن يريد اكتمال الفهم لا بد أن يعود بها الى الجذور، الى دوافع تواجد حزب العمال الكردستاني التركي في مناطق عدة من إقليم كردستان، الى التعاطف القومي الكردي المحلي الذي سهّل التواجد والانتشار.
 ومن ثمَّ إلى المصالح الإقليمية التي لعبت فيها قوى سياسية ومليشياوية عراقية دوراً لتجعل التواجد ورقة تستخدمها بعض دول الجوار للتأثير على مسار العلاقة بين تركيا وبين العراق، من العودة يتبيّن أنَّ هناك أطرافا عدة لعبت في ساحة حزب العمال، لعباً لا يخلو من ثمن سيدفعه الإقليم والدولة العراقية في آنٍ معاً، بعد أن بسط الحزب سيطرته على مناطق التواجد ومد نفوذه بسعة صار فيها منافساً قوياً للأحزاب الكردية التقليدية في استقطاب مشاعر الجمهور الكردي المعروفة بشدة تقلبها، وصار نداً قوياً لقوات الدولة المركزية في ظروف حرب بالضد من الإرهاب، والثمن الأكبر سيتمثل في بقاء القوات التركية الداخلة الى أراضي العراق من جهة الإقليم الى أمد تحدده هي تبعاً لمقتضيات أمنها القومي، بقاءً ستتبعه إجراءات وتغييرات وتنازلات.
كان على الساسة في الإقليم والمركز حساب أبعادها منذ الأيام الأولى لتواجد الحزب غير الشرعي في الإقليم، كما أن الأتراك الذين شرعوا بعملهم العسكري، هم دولة كبرى تمتلك جيشاً قوياً، لا يعتقد أنهم سيتوقفون عند نقاط وأماكن محددة، بل وسيتوغلون أكثر وسيستخدمون قوات المشاة لتعزيز التواجد والنفوذ، الأمر الذي سيحرج حكومتي المركز والإقليم اللتين تصرّفتا بقضية التواجد غير الشرعي لحزب العمال الكردستاني التركي بطريقة أنتجت تعقيداً يضاف إلى جملة التعقيدات السائدة.