القدرات الاجتماعيَّة ومواجهة التطرف العنيف

آراء 2022/04/29
...

  محمد عباس اللامي
 
في ظل الاضطرابات السياسية والمخاطر الأمنية التي تحيط بالمجتمعات بشكل عا، تستدعي الحاجة الملحة تفعيل العمليات، التي تؤدي إلى التكيف الناجح مع تجارب الحياة، التي تشهد ضواغط اقتصادية وسياسية وأمنية، تسببت بانتشار الارهاب ومانجم عنه من تداعيات خطيرة كالتهجير والتطرف، مما يدعو لاعتماد المرونة العقلية والسلوكية، اذ تكمن الفائدة من هذا الأسلوب الفكري في إمكانية استخدام الثقافة المجتمعية، التي من خلالها يمكن تلمس مواطن الخلل .عبر الاعتماد على ستراتيجية الاحتواء والمعالجة وتفعيل رأس المال الاجتماعي المشترك، الذي يعتمد على الجهات الفاعلة لتوظيفها متكاملة مع الجهود الحكومية عبر استثمار الامكانات التي تسهم في تفكيك الأفكار الدوغمائية والعمل على إعادة بناء المجتمع من خلال تحقيق العدالة الأجتماعية والحث على زيادة الوعي ما بين الناس، لأنهم جميعاً مسؤولون عن مصالح ورفاه بعضهم تجاه بعض. يرى الفيلسوف سلوتردايك أن طاقة الغضب التي تتفاعل في داخل الإنسان وما يتربط بها من دوافع أولية مثل الفخر والاعتزاز والانتقام والحسد والغيرة والتنافس، هي عرضة للاستثمار  ومن هنا يلعب الوسط الاجتماعي المرن دوره في الاحتواء والامتصاص وتبريد اللغة لخلق مجتمعات مستقرة فالمرونة الاجتماعية أو ما يمكن تسميته سهولة التكيف؛ تعرف بأنها قدرة الشخص على العودة إلى حياته الطبيعية بعد التعرض لأزمة أو محنة، وأيضاً يقصد بها قدرة المجتمع على التأقلم والتكيف مع الضغوط مثل التغيير الاجتماعي أو الاقتصادي. يعد التدريب والتعلم من أهم العناصر في بناء القدرات، الا أنه ليس الركيزة الوحيدة التي يعتمد عليها، فالاهتمام بالمنظمات والشخصيات المرنة ذات التأثير الفاعل في المجتمع ودمجهم في البرامج الستراتيجية يسهم في فك الاختناقات الفكرية التي تعوق مواجهة التطرف العنيف المؤدي للارهاب. إن عملية اقناع المجتمع وإعادة الثقة بمؤسساته الحكومية يعد من إبرز التحديات التي تواجه المبادرات التي تعمل على تنفيذ الستراتيجيات، لأن عملية الاقناع ارتبطت بالاداءات السياسية وهذا يشكل عبئا إضافياً للأعباء الأخرى على الرغم من أن التطوير المجتمعي يساعد على تفهم وتحليل المشكلات والقدرة على التنظيم والاستفادة من مختلف الموارد عبر تطوير المناهج الدراسية، فضلا عن تنمية المهارات الفنية التي تسهم في الفهم العميق للقيمة الاجتماعية لدخول المجتمع كطرف فعال في امتصاص التوترات، وذلك عبر اعتماد المرونة الكافية للحد من ظاهرة التطرف.