جواد علي كسار
أعترف بدءاً أنني لم أكن اطلعتُ على مؤشر السعادة الذي كان قد صدر هذا العام. لكنْ في نطاق مراجعة يوميَّة أقوم بها للصحافة الإيرانيَّة، لفت نظري عنوانٌ كبيرٌ على صدر صحيفة «آفتاب يزد» الإصلاحيَّة الإيرانيَّة، جاء فيه: «لماذا الشعب العراقي أكثر سعادة من الشعب الإيراني؟».
أثارني العنوان الاستفهامي، ودفعني لقراءة التحقيق الذي نشرت الصحيفة تفاصيله على الصفحة الاجتماعيَّة (الصفحة الثالثة) من خلال دراسة استطلعت فيها آراء عددٍ من الأكاديميين المتخصّصين بعلم الاجتماع في الجامعات الإيرانيَّة، سبروا أغوار الظاهرة عبر مجموعة من عوامل التفسير؛ الثقافيَّة والاقتصاديَّة والنفسيَّة والاجتماعيَّة.
لقد كان ما دفع صحيفة: «آفتاب يزد» لإثارة المقارنة بين الشعبين العراقي والإيراني، ولماذا يعيش الإنسان العراقي في حياته اليوميَّة، إحساساً أكبر بالسعادة، مقارنةً بالإنسان الإيراني؛ هي نتائج مؤشر السعادة لعام 2022م، التي كانت قد نُشرت على موقع التقرير العالمي للسعادة (WorldhappinessReport) يوم الاثنين 25 نيسان، وشمل هذا العام مسحاً لدرجة الإحساس بالسعادة ضمّ (146) بلداً، استند إلى ثلاثة معايير ترتبط بالرؤية إلى الحياة، والجانب العاطفي الإيجابي، والمؤشرات السلبيَّة.
ما دفع الصحيفة الإيرانيَّة لفتح ملف البحث في الموضوع، هو الموقع المتخلف لإيران على المؤشر، وهي تحتلّ المرتبة (110) وقد تقدّم عليها العراق إيجابياً إلى جوار عددٍ آخر من البلدان العربيَّة، منها البحرين والسعوديَّة والإمارات والكويت وليبيا والجزائر والمغرب.
استند المحللون الاجتماعيون الإيرانيون في تحليل ظاهرة تقدّم أغلب الدول العربيَّة وبخاصة العراق، إلى ثلاثة عناصر؛ هي الحريَّة الاجتماعيَّة، والحالة المعيشيَّة والرفاه الاجتماعي، والتكوين الشعوري النفسي، عندما لاحظوا أنَّ بلدهم تخلف بحكم الإطار الأيديولوجي للنظام السياسي، وما يؤدّي إليه من تجميد خيارات الناس في الحريَّة، أضف إلى ذلك الأزمة المعيشيَّة، والموروث المتراكم من السلبية في التكوين الشعوري.
أسجّل بصدق أنَّ المقارنة أشعرتني بقدرٍ كبيرٍ من الفرح، وأنا أتأمل الموقف العلوي للشعب العراقي، وقد تحوّل إلى نقطة إثارة وموضوع للدراسة، وموضع إعجاب من قِبل بلد جار!