لماذا أفعل هذا؟

ثقافة 2022/05/07
...

نزار عبد الستار
لسببٍ أجهل التباساته اتهمني البعض أنني أقترب من النقد الأدبي في عمودي الأسبوعي الذي أكتبه لجريدة الصباح تحت عنوان «ملاحظة» وبرز أحد قدماء الأصدقاء واتهمني بأنني أكتبُ عن هذا وذاك من الروائيين وعدَّني أكبر من هذا. إنَّ ما أكتبه في عمودي الأسبوعي ليس نقداً أدبياً وإنما اجتهادٌ يندرج ضمن تجربة الكتابة وقد جعلتها ببنية الملاحظة وهي آراءٌ شخصيَّة تجمعت لدي طوال 30 سنة من الاشتغال الأدبي بين القصَّة والرواية.
أما لماذا أفعل هذا فقد رأيت أنَّ الدفاع عن الثقافة العراقيَّة ومعايرة ما يُكتب الآن من مهازل وثرثرات تحت ملصق الرواية يحتاج إلى تذكيرات بالجوهر الحقيقي للأدب فأجيالنا الجديدة ومنهم الذين أحبوا القراءة وشغفوا بها يتأثرون عن جهل بدمى الماريونيت التي ملأت شارع المتنبي واستغلت مواقع التواصل الاجتماعي لتلويث الإبداع، وتلميع السيئ وجعله القياس الذي يحتذى، بينما أغلب الذين عشقوا القراءة يجدون في أنفسهم شكاً وحيرة من الضحالة التي تلقى بين أيديهم وهم في تيهٍ من أمرهم.
لقد وجدت أنَّ التصدي لهذا الانهيار الثقافي لا يتأتى من حوارات وإرشادات ولا حتى من جلسات ثقافيَّة وإنما بالكتابة عن قضايا فنيَّة بارزة في التجربة الكتابيَّة العالميَّة التي كانت النواة لنا في الانطلاق بعالم الأدب.
قد يصعب على أي مبتدئ ملاحقة الإنتاج الإنساني في الأدب وقد لا يملك مرشداً يعينه على التذوق لذلك حاولت في «ملاحظة» التطرق إلى ما كان يشغلني في البدايات وعمق مسيرتي بعد أنْ أدركته وفحصته بالتجربة، وأيضاً لما للذائقة والشغف الشخصي من علامات إرشاديَّة تعلي من قيمة الثقافة وتفتح النوافذ لجنة الإبداع الكبرى. إنَّ هذا الجهد ليس استعراضاً ولا تهويلاً ولا حتى نقداً كما يظن البعض وإنما هو محاولة لرواية قصة الأدب والغاية من هذا التطرق إلى أمهات الإبداع وعباقرة الفن لعلَّ الأجيال الجديدة تنتبه ويشدها هذا الروي المشغول بحب.
أعتقد أنَّ وجودنا الأدبي لا يقتصر على التأليف وإنما في تزكية الأرواح الجديدة التي تتطلع إلى الجمال والقيم الإنسانيَّة النبيلة. صحيح أنني أكتب الروايات ولدي مشاريعي في هذا ولكنَّ الواجب يلزمني قول ما أعلمه وإشعال شمعة فربما يتبع أحدهم هذا الضوء المرتجف في العتمة.