حامد عبدالحسين حميدي

ثقافة 2022/05/17
...

مُبتسِمٌ دائماً.. هذا أنا حامد عبدالحسين حميدي من العمارة مواليد 1969، درست في مدارس مدينتي التي تغفو على نهر دجلة، فما بين المنصور الابتدائية والفرسان وانتقالا إلى ثانوية الثورة للبنين، التي استطعت فيها أن أحصل على درجة السعي (معفو بجميع الدروس) في الصفوف غير المنتهية. 
كنت أستغل العطل السنوية لأنزوي في غرفتي وحيداً مع كتاب ألف ليلة وليلة وأنا في الرابع الابتدائي وكتاب كنوز العلم، الذي اشتراه لي أخي الكبير من البصرة، حينما كان جندياً في الثمانينات وقتها.حين توفيا والديّ شعرت بصدمة وخيبة أمل وخذل لا يوصف، لأنهما جناحاي اللذان أصفّق بهما في هذه الدنيا، رغم ذلك لم أبكِ عليهما، لأني أكره البكاء ولا أرغب أن تظهر على ملامح وجهي مواطن الضعف وقلة الحيلة مطلقاً.
ذات يومٍ صيفي صارحتُ بحبّي لابنة الجيران، برسالة خطية وسلمتها إليها بقلبٍ يتسارع جداً من شدّة الخوف، لكنها سرعان ما أخبرت أختي الكبيرة، لأتعرّض للتأنيب واللوم على هذا التصرف السيئ. مرّت السنوات لأتزوج في عام 2000، وأرزق بعدها بطفلة اسميتها فاطمة، فرحتي كانت بها كبيرة جداً، لكن الله اختارها لتكون طيراً في جنته يا لها من لحظة فقدٍ موجع! جعلتني أعيش في سنة عزلة تامة، ليجبر خاطري الله تعالى بمرور سنة أخرى لأرزق بطفلة أخرى اسميتها (عُلا)، لأنها ملأت الدنيا فرحاً وسروراً، ليرفع حضورها عني بعض شكاية الألم والحزن.
أحبّ القراءة جداً، وأكره الابتعاد عنها، ولم يتحكم الخوف في مشاعري، فالرجل الجريء لا يخاف، أغضب حينما يصادر حقي بتحايل شخصٍ كاذبٍ، لدرجة الانفجار وقيامي بضرب الجدار ولكمه مرات عديدة، كي لا أوذي أي شخص حتى وإن كان ندّاً.ختمت القرآن 25 مرة، وسمعته بأجمل الأصوات وأعذبها تلاوة عبدالباسط والحصري والمنشاوي والطبلاوي وغيرهم، فالله جميل جداً، في رحمته وانتقامه، يضع فسح أمل كثيرة أمامنا، لم ولن يغلق أبواب جنته، ربما تخيلت الجنة عندما كنت تلميذاً، حينما توفيت خالة أمي وهي امرأة مسنّة، ماتت وبعد ساعتين عادت للحياة، لأرى في وجهها رحمة الله وسعة عطفه، لم تك ساعة وفاتها، بل ساعة وفاة رجل أخر حينما سمعنا الصراخ والعويل في أحد البيوت القريبة من بيتها.
لطالما حملت الفكرة في رأسي مذ صغري، الفكرة الحسنة تأخذني إلى برّ الأمان والطمأنينة، والانسان الذي يحملها سيكون ناجحاً حتماً، إذا استثمرها بصورة ايجابية، ولولاها لما كان حامد بهذا العطاء والنجاح.
أجمل ما تعلمته في الحياة، هو حلمي الكبير الصغير أنني حاولت مراراً أن أعمل كتاباً صنع يدي، لدرجة فلم يدخل اليأس أو الفشل، كنت احتفظ بكلِّ شيء بدفتر صغير أدوّن فيه كل ملاحظة أثناء محاولاتي بتنضيد الكتاب واخراجه فنياً حتى تصميم الأغلفة، أو ادارة بعض المواقع الالكترونية، نجحت في تلك اللحظة التي أتصل بي صديقي علي العقابي هاتفياً، وهو يقول لي بالحرف الواحد : (مطبعة زاكي، تتأخر بكتابك يكولون اذا يكدر يشتغله ويصمم غلافه ويدزه) وقتها لم يهدأ لي بالٌ، إلا وأنا مصرّ على اكمال كتابي النقدي (توهم الشعر وخانته الهزائم) ليفتح لي أبواب السعادة، علماً أن لدي 14 مطبوعاً، أغلبها اخراجي وتصميمي.
تحوّل هذا العمل والجهد خلال تسنمي رئاسة اتحاد أدباء ميسان 2019، إلى مشوار حافل بالعطاء الثقافي والأدبي، لم أدخر جهداً إلا وأنا أضع خطة سنوية مع أخوتي في الهيأة الادارية، لنضع بصمات جديدة في الأفق الثقافي (مجلة ميشا للأطفال ومديرتها القاصة فائدة حنون/ مجلة ميشانيون للشباب ومديرها الشاعر أحمد شمس/ ومجلة انخيدوانا التي تعنى بالفكر النسوي ومديرتها د. نادية علي قاسم) وانجاز طباعة ما يقارب 100 كتاب مختلف بين الشعر والقصة والرواية والاجتماع والثقافة، من داخل المحافظة والعراق وخارجه مثلا ً للشاعرة المغتربة خديجة حبيب السعدي، والشاعر القس يوسف جزراوي واسماء أخرى.كان العمل جميلاً حينما تعاقدت مع مطبعة أشرف وخلدون في العمارة ومكتبة سمايل في عواشة.. جميلاً حينما تجد من يقدر تعبك وجهدك وإخلاصك بلا حسد.. وشكراً لأنكم معنا في هذا.