الإبداع يزدهر في التهجين

ثقافة 2022/05/24
...

 فيفيان واگنر
 ترجمة: علي رحمن
بدأت منذ زمن طويل بوصفي شاعرة، كما يفعل الكثير من الكتاب الشباب، في المدرسة الثانوية. أعجبت بالإيجاز والبساطة وغموض الشعر.. ولكن في السنين الفاصلة أصبحت كاتبة بعيدة عن الخيال، بالتركيز على الموادِ الإبداعية الواقعية؛ غير الخيالية والمذكرات والصحافة والكتابة الأكاديمية.. كانت تلك هويتي الشخصية والاحترافية، وظننت أنها ستظل دوما هكذا. حتى تطوعت. هذا هو، حتى تطوعت لمشروع توبيلو 30/30 «Tupelo Press 30/30”
 
وهو الالتزام بكتابة قصيدة يومياً لثلاثين يومًا. وقّعتُ على المشروع بشكل عفوي، ولم أفكر أبدًا بتغييره لهويتي وممارستي الكتابية.. لكن التجربة انتهت بتغير وجهة نظري جذريًا، أعادني التحدي إلى الشعر وتغير كل من نثري غير الخيالي وهويتي الكتابية.
أول الأشياء وضوحًا عند كتابة النثر الواقعي، هي المساحة والأماكن التي أحشوها. وهذا يقود أحيانًا إلى إهمال اختيار الكلمات، لمحاولتي غالبا تلبية عدد كلمات معين، فيكون قياس إنتاجي بهذه الطريقة.
ذكرتني كتابة الشعر أن لكل مفردة أهميتها وقيمتها، ليس ثمة وقت أو لغة لإضاعتها. بوصفي كاتبة للنثر الواقعي، أنظر باستمرار إلى عداد الأرقام الصغيرة في أسفل الصفحة في برنامج “Microsoft Word”. 
لكن ما وجدته - أو تذكرته - هو عدم تعلق كتابة الشعر بعدد الكلمات، بل بجودتها. حيث ابتدأت الكثير من شعري بكتابته بخط اليد، وحين ألتزم بكتابته على الشاشة، فمن المرجح أن أحذف الكثير، بدلاً من الإضافة.. في الشعر لا أنظر أبدا إلى عدد الكلمات عند الكتابة فذلك لا يهم، كلما قل عدد الكلمات كان ذلك أفضل.
ليس راجحًا أن يغير هذا من حقيقة ضرورة انتباهي إلى عدد الكلمات أثناء كتابة النثر الواقعي، ولكن - خاصة في عملية المراجعة - أفكر أكثر بالحياة الموجودة في تلك الكلمات. فأنا أمكث معها. أحببت دومًا الكتابة الحرة والاستطراد، ولا يزال هذا الأسلوب جيداً بالنسبة لي لنيل مادتي الأصلية على الصفحة أو الشاشة، بالنسبة للنثر الواقعي أو الشعر.
لكن كتابة الشعر تعلّمني فهم المتعة في المراجعة والتشذيب والتكثيف. الانفتاح إلى الداخل، بدلا من الخارج.
وكذلك ذكرتني كتابة الشعر مرة أخرى بأهمية إيقاع اللغة. الإيقاع جوهري في الشعر، لكنني غالباً ما أتجاهله عند كتابة النثر الواقعي. فحين نقرأ أي شيء سنجد موسيقى خفية فيه. 
نسمع الكلمات، وكذلك العلاقة بينها، والمقاطع المشددة وغير المشددة، والتشابك المعقد بين الكلمة والعبارة والجملة. الإنصات الإيقاع مفهوم ومتوقع في الشعر، لكنني الآن أكثر وعياً أن ذلك بالقدر نفسه من الأهمية في النثر الواقعي كذلك. إذ فكّرت كثيراً في الإيقاع والانسياب.
بدأت بقراءة نثري الواقعي بصوت مرتفع، كما أفعل مع شعري. كوني موسيقية، فقد فهمت دائماً على الأقل من دون وعي العلاقة بين الكتابة والخط اللحني والإيقاع. وكانت كتابة الشعر تذكرني بتلك العلاقة، تجعلني أجلس وأنتبه. وفي الأشهر الأخيرة، أصبح نثري الواقعي، مثل مقالتي القصيرة “Cut” “التشذيب”، أكثر إيقاعاً وموسيقية. يبدو الأمر الآن أن نثري الواقعي يكتبه شاعر. 
التصوير، كذلك، أصبح أكثر أهمية بالنسبة لي. التصوير موجود في نثري الواقعي لكنه ثانوي للقصة والمشهد والشخصية. في الشعر، تكون الصور الملموسة والنابضة بالحياة جوهرية، وعندما يكون المعنى موجوداً، فإنه غالباً ما يعبر عن نفسه من خلال الصور. حتى مقالاتي الغنائية تركز على السرد، لكني أتعلم أن هذه القصص يمكن أن تتشكل من خلال الصور وكذلك من الحوار والمشهد والشخصية.
 مثلما تنسج قصيدتي في مشروع توبيلو 30/30 
 “ممارسة اليوغا في الطابق قبو الكنيسة الميثودية المتحدة في الشارع الرئيسي” الصور والسرد، منذ نشرها من قبل مطبعة موسى، فإن مقالتي الغنائية “المهاجر” تروي قصتها من خلال سلسلة من الصور. وبعبارة أخرى. لم تعد الصور اعتبارًا ثانوياً بالنسبة لي في النثر الواقعي. يمكن للصور التعبير عن معاني الطبقات، وتأخذ القصة إلى طرق عديدة في وقت
واحد.
أجد أيضا أن العديد من كتب ممارسة الشعر تصلح أيضا لكتابة النثر الواقعي كما تفعل مع الشعر. 
كتابان من كتبي المفضلة:
سكوت ويغرمان وديفيد ميشين وينگبيتس في كتاب “تمارين وممارسة في الشعر”.
 وكذلك كتاب ديان لوكوارد “الشاعر الماكر: ورشة عمل محمولة”.
 الإشارات الرائعة في هذه الكتب - بما في ذلك إنشاء قوائم الكلمات والجداول الزمنية، وجمع حشود الكلمات، جمع المرادفات، وصياغة الكولاج - بشكل جيد تؤدي الغرض الشعري نفسه مع النثر
 الواقعي. 
تركز العديد من الإشارات الواقعية غير الخيالية على سرد القصص، لكن هذه الإشارات الشعرية أخذت نثري الواقعي إلى توجهات جديدة وغير متوقعة. هذا العام . 
أعمل أيضا برؤيتي من خلال الكتاب الممتع “الشعر اليومي: يوما تلو الآخر إشارات لممارسة الشعر”، من تأليف كيلي راسل أغودون ومارثا سيلانو، وأشرف على مجموعة في الفيس بوك للشخوص الذين يفعلون الشيء نفسه.
معظم النصوص التي أكتبها لهذا المشروع هي قصائد، لكن البعض منها يكون أقرب إلى أن يصنف مقالات غنائية أو قصائد نثر. بصراحة، أنا لم أعد أهتم كثيرًا للنوع، أنا أكتب فقط.
قد يكون مغرياً التفكير في أنفسنا بالانتماء إلى حدود نوع واحد فقط، لكنني أعتقد أن احتضان الإمكانيات التي يوفرها عبور الحدود بين الأنواع سيكون أكثر نفعًا.. الإبداع، بعد كل شيء، يزدهر في التهجين. وينمو الفن في المساحات
 بينهما.