تركيا وفرضيات الأمن الإقليمي

الرياضة 2022/05/25
...

علي حسن الفواز
يذهب الرئيس التركي الطيب أردوغان إلى صياغة واقع سياسي جديد، على مستوى علاقته بالاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو، أو على مستوى تصوراته الأمنية والسياسية عما يجري في الشمال السوري، ففي المستوى الأول أعلن أردوغان إلغاء علاقة تركيا بالمجلس الاستراتيجي مع اليونان، وعبر تصريحات بدت صاخبة بعد اتهام اليونان بدعم جماعات فتح الله غولن، وقيام اليونان بإنشاء قواعد عسكرية جديدة خارج حاجتها الأمنية،  فضلا عن موقف تركيا الرافض لقبول عضوية السويد وفلندا في حلف الناتو، وبسبب موقف الدولتين من دعمهما لحزب العمال الكوردستاني، وهو ما يجده أردوغان دعما لجماعات إرهابية مناهضة للسياسات التركية.
الموقف التركي يدفع إلى إرباك الغرب وتوجهاته نحو توسيع حلف الناتو، وإلى وضع الجميع أمام شروط سياسية، قد يحسبها البعض أنها تدخّلٌ في مواقف حقوقية لهذه الدولة أو تلك، وبالتالي سيجد التحالف الأوروبي ضد روسيا نفسه أمام تعقيدات، من الصعب فرضها على أرض الواقع، وفي تأطير علاقة تركيا الستراتيجية مع روسيا.
وعلى المستوى الثاني بات تصريح أردوغان حول الاستعداد لعملية أمنية تهدف إلى تحديد المنطقة الآمنة في الشمال السوري، مثارا للجدل، إذ تعني هذه العملية توسيع سيطرتها بحدود 30 كم، مثلما تعني الدفع باتجاه عسكرة المنطقة، والضغط على الحكومتين السورية والعراقية لحسابات سياسية وأمنية، لاسيما أن القوات التركية تقوم بعمليات عسكرية وقصف مستمر لعدد من المناطق في الشمال العراقي، وهو ما قد يهدد بجعل الواقع الأمني والعسكري في الشمالين السوري والعراقي، وكأنه واقعٌ جيوبولتيكي يفرض معطياته من خلال السيطرة على الأرض، وعلى المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية في
المنطقة.
إن ما تسعى إليه تركيا ليس بعيدا عن البحث عن أدوار إقليمية ودولية، وعلى نحوٍ يجعل وجودها في الصراعات الكبرى حاضرا وفاعلا، على مستوى تنشيط دورها السياسي والأمني، أو على مستوى خصخصة دورها في السيطرة على الممرات المائية، لاسيما مضيق البسفور والبحر الأسود، اللذين سيكتسبان أهمية كبرى في ترسيم حدود ممرات الغذاء العالمي من روسيا 
وأوكرانيا.