علي حمود الحسن
ينتمي "ليلة واحدة في ميامي"(2020) إلى أفلام المكان الواحد، إذ تدور أحداثه حول لقاء متخيل لأربعة من مشاهير السود في أميركا الستينيات، حيث التمييز العنصري والاضطرابات التي تجتاح شوارع أميركا، وهم : الداعية وعضو جماعة أمة الإسلام إكس مالكوم، و كاسيوس كلاي الذي توج بطلا للعالم في ملاكمة الوزن الثقيل في عام1964، وجيم براون بطل الولايات المتحدة والأكثر شهرة في لعبة "كرة القدم الأميركية"، هؤلاء الأبطال بدلاً من الاحتفال بفوز رفيقهم يقضون ليلتهم في جدالات ونقاشات عن العنصرية والدين ومستقبل السود، وسط رقابة وعيون حارس اكس الشخصي كريم ورفاقه، لتكون النهاية حرق بيته تمهيداً لاغتياله الصادم، الذي لم يتطرق له الفيلم، لكنه أوحى به.
نجحت المخرجة الأميركية في تحويل السيناريو الذي كتبه المؤلف المسرحي وكاتب السيناريو الناجح كيمب باورز إلى فيلم محبوك جيداً، مقتبساً القصة من مسرحية ناجحة كتبها وعرضت في العام 2013، وإن كان يدور في غرفة واحدة وتكاد مشاهده الخارجية أن تكون محدودة، فاختيارها للممثلين كان نموذجياً، إذ قدم كينجسلي بن أدير(مالكوم اكس)، وألديز هودج (جيم براون)، وليزلي أودوم جونيور(سام كوك)، وإيلي جوري(محمد علي كلاي)، ولانس ريديك (الحارس الشخصي كريم) أداءً متقدماً متماهين مع شخصياتهم مستوعبين أبعادها، خصوصاً كينجسلي الذي جسد شخصية مالكوم الصارم والمؤثر والصلب، المسكون بأفكار لا يستطيع الفكاك منها، فهو لا يفهم مثلاً كيف لا يهتم أصحابه بقضية السود الكبرى، منتقداً اهتمامهم بالملذات، وكذلك قدم جونيور شخصية المغني الأسطوري الذي يعتقد أنه ثأر من البيض العنصريين من خلال شهرته واعجابهم به واستخدامهم في شركاته، وهي شخصية مركبة، فمن جهة يتعرض للتمييز العنصري على الرغم من مكانته، ومن جهة أخرى اعتقاده بأن الزمن كفيل بإصلاح الأمور، وبدا الأداء المرح لإيلي جوري بتجسيد الظاهرة الصوتية والاستعراضية لشخصية كلاي الموزعة بين سطوة مالكوم اكس وشهوة الشهرة وملذاتها، والأمر ينطبق تماماً على هودج بدور جيم براون بطل الكرة المحبوب، الذي تستثمر شهرته شركات هوليوود ليكون ممثلا، استطاعت كاميرا تامي رايكر مديرة التصوير الحاذقة التي لاحقت لهاث الشخصيات المتناقضة والجامحة أحيانا من خلال التصوير بزوايا مبتكرة، بمساعدة المونتير المخضرم طارق انور(أميركي من أصل هندي) خلق إيقاع متوازن كما تلافت كينج رتابة المكان بمشاهد خارجية تعرف بالشخصيات، ولعبت الموسيقى التي ألفها تيرانس بلانشارد دوراً في دفع الأحداث قدماً، خصوصاً والشخصية الرئيسة موسيقية، فضلاً عن توظيف الفلاش باك للتذكير بأحداث مضت.