تأثير الحرب الروسية الأوكرانية في تسليح الجيش العراقي

آراء 2022/06/07
...

 د. أمير الساعدي *
بدأت مظاهر الحرب الروسية - الأوكرانية تنعكس على كثير من مجريات الامور السياسية والاقتصادية والامنية بالعالم والمنطقة، ومما نخشاه هو عملية انشغال روسيا الاتحادية بعملية ملاحقة ومحاربة تنظيم داعش الارهابي في سوريا، لانشغاله بأولوية أولى بحربه في أوكرانيا، والامر الآخر هو الاهتمام الكبير من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو بدعم عملية التصدي لروسيا الاتحادية في حربها في أوكرانيا، وبهذا هناك إنشغال واضح من قبل التحالف الدولي والناتو وأميركا في اوكرانيا، ما يخفف زخم اهتمامهم بمكافحة تنظيم داعش الارهابي في سوريا، ما سيعرض العراق لارتدادات سلبية من سوريا، التي قد تُفعل نشاط خلايا إرهاب داعش.
 
لا سيما نحن نشهد عودة نشاط بعض الخلايا المسلحة لتنظيم داعش الإرهابي في العراق، حيث شنَّت القوات العراقية عدة عمليات استباقية ضد عناصر عصابات داعش، لا سيما بعد التفجير الانتحاري في وسط العاصمة بغداد في منطقة ساحة الطيران، عندما فجر انتحاريان نفسيهما وسط السوق في شهر كانون الثاني عام 2021.
ولديمومة سير المعارك وزخمها ضد الإرهاب الداعشي، قد تواجه القوات المسلحة العراقية والاجهزة الأمنية تحديات حقيقية، تتعلق بقدرة الحكومة على تأمين قطع الغيار والذخيرة الخاصة بالأسلحة والمعدات الروسية، أو الأوكرانية، التي تقارب على ما يصبو ثلث ترسانة الجيش العراقي، حيث بين مسؤول في وزارة الدفاع - لوسائل إعلام محلية- عن تأجيل خطط شراء أسلحة ومعدات تسليحية من روسيا، بسبب العقوبات الأميركية والغربية على موسكو جراء حربها على أوكرانيا.
ومع كل العمليات الاستباقية التي تقوم بها أجهزة العراق الأمنية ومحاصرة عناصر عصابات داعش الارهابية، لكن الكثير من خلايا التنظيم لا تزال موجودة، وتنشط بين الفينة والأخرى، لا سيما بعد تهديدات بشن غزوة رمضان من قبل الارهاب الداعشي، أعلن القائد العام أعلى درجات الحيطة والحذر والبقاء على أهبة الاستعداد لأي طارئ.
وكانت هناك عمليات نوعية قامت بها القوات العراقية ضد خلايا التنظيم المنتشرة في صحارى محافظة الأنبار وصلاح الدين ونينوى، وهناك عمليات مهمة غربي البلاد، وكانت آخرها عملية “الإرادة الصلبة” في المناطق الفاصلة بين قيادة عمليات الانبار وكربلاء لملاحقة ما تبقى من عصابات داعش الإرهابية غربي البلاد، وصولا للمناطق الحدودية مع سوريا.
فهل هناك تأثير تعطل وصول السلاح الروسي على قدرات القوات العراقية؟، أرى بأنه لن يؤثر في التصدي للأزمات الحالية، لأن العراق يمتلك خزينا ستراتيجيا، وإن كان لا يؤمن الحاجة على مدى طويل الأمد.
 وإن العراق في حربه ضد ما يسمى الإرهاب الداعشي استطاع من تنويع مصادر استيراد الأسلحة، رغم أن جزءا كبيرا من عقيدة السلاح العراقية معتمدٌ على السلاح الشرقي، وبالتالي من الممكن إيجاد بدائل من رومانيا والصين وبولندا وهنغاريا وبلغاريا وبعض دول أميركا اللاتينية، التي تنتج بعضا من حاجتنا لهذا النوع من الأسلحة.
فعلى سبيل المثال، يمتلك العراق 140 دبابة “أبرامز” و90 دبابة “تي -90” حصل عليها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فضلاً عن امتلاكه نحو 350 دبابة من طرازي “تي 72” و”تي 55” وبعض الدبابات الصينية، التي أُعيد تأهيلها من مقابر دبابات الجيش العراقي السابق، وبنظرة سريعة لأعداد الطائرات السمتية نرى بأن التفوق للتسليح الروسي.
(المعلومات الواردة بالجدول قد تكون أقل مما يظهر لأنها قد تعرضت لبعض الخسائر، أما فنيا او بالمعارك).  وبمقارنة بسيطة حول طبيعة ونوعية التسليح ومصادره، نرى بأن التسليح الأميركي ما زال ينافس التسليح والتجهيز الروسي، والذي يبقى العراق بحاجة ماسة لادامة تعويض الخسائر وإعادة التأهيل، لا سيما بما يخص الدبابات والمدرعات والطائرات، التي تحتاج الى إعادة تأهيل شامل بعد انتهاء عمرها الزمني أو ساعات طيران محدد بها، والتي سيواجه العراق صعوبة بإرسال طائراته لاجراء تأهيلها بشكل شامل. وكما أن العراق الآن قد أنشأ صناعة حربية ليست للأسلحة الخفيفة وحسب، بل كذلك الأسلحة المتوسطة وبعض الاسلحة الثقيلة، فقد افتتح العراق في نهاية عام 2019 ثلاثة خطوط لإنتاج العربات القتالية المدرعة والألغام والطائرات المسيرة، بالشراكة مع شركة عراقية خاصة، وبموجب الرخصة العالمية لشركة «أرمسترونغ» الصربية و»تاك» الأميركية، ولديه إمكانيات تصنيع الأعتدة الخفيفة والمتوسطة، وبعض قذائف الهاون والمدفعية وبأنواع محددة.
يستلزم من وزارة الدفاع والداخلية ودوائر التسليح والتخطيط الستراتيجي بهذه المؤسستين وباقي الاجهزة الأمنية أن تقدم خططا عاجلة، لتعويض الخزين الستراتيجي، الذي يتم استنزافه بالمعارك الحالية، بتنويع مصادر التسليح واظهار القدرة على التعويض وحجم الاحتياط من الاسلحة والاعتدة، التي تعتبر القوة الضاربة بتأمين العراق وشعبه ضد الهجمات الارهابية، او أي تحد داخلي او خارجي يمكن أن يمس السيادة العراقية.
 
*مركز النهرين للدراسات الستراتيجيَّة