مكتبات المدارس.. من حبّ الكتاب إلى عالم الثقافة

ثقافة 2022/06/07
...

 سيف الدين سعد 
يترافق انخفاض معدلات قراءة الكتب ومطالعتها بين الشباب وصغار العمر من مراهقين وطلبة مدارس مع تراجع عدد المكتبات المدرسيَّة بل واندثارها، حتى بات من غير المألوف رؤية قاعة واسعة مجهزة برفوف من الكتب المتنوعة ومن حولها طاولات وكراسي مخصصة للقراءة في داخل المدارس. 
إذ تعد المكتبات المدرسيَّة قاعدة رئيسة لعودة تحفيز الطلاب على مطالعة الكتب من المراحل الأولى حتى الدراسة النهائيّة لخلق وعي بالمناهج الدراسيَّة، كما يرى جواد علي، 42 عاماً، أنه من الضروي توفير مكتبات متنوعة بكتبها للمدارس، وعلى الأخص في هذه المرحلة، فنحن بحاجة للعمل الدؤوب من أجل استعادة رغبة الطلاب بالمطالعة وخلق أجواء تحفز الطالب على البحث بين الكتب والمصادر. ويقول إنَّ «هناك الكثير من الحملات المتعلقة بالتحفير على القراءة واقتناء الكتب وتبادلها يحرص على إقامتها الشباب، ولكننا نحتاج البعض من هذه الكتب لتزويد المدارس بالمتنوعة منها». 
 
روبوتات 
 ويعتقد أن هذا الأمر قد يدفع الجهات المعنية بالاهتمام بهذا الشأن المهم في المدارس. ويضيف أننا: نقوم بتصنيع «روبوتات من أجيال» لا تعنى سوى بالمنهاج الدراسي على رغم من أن غاية التعليم أكثر عمقاً وشمولاً، فهو يعني التوعية والتثقيف الأدبي فضلاً عن المجتمعي.
ومن جانبها، تقول مدرسة اللغة العربية آيات عاصم: للأسف كنت دائماً ما أفشل في الحصول على معدلات جيدة في منهاج الأدب، لأنني كنت أجتهد في أجوبتي عن أسئلة الامتحان وأكتب ما يكون خارج المنهاج الدراسي. 
آيات كانت مولعة خلال مرحلة مراهقتها في البحث عن أسماء الشعراء والأدباء من الذين يتم ذكرهم في مادة الأدب مثل نازك الملائكة وبدر شاكر السيَّاب وغيرهم، “كان لديَّ فضول عن طبيعة حياتهم وتفاصيلها، ولم يكن في مدرستي مكتبة كي اطلع عليهم، لذلك كنت دوماً ما ألجأ إلى مكتبة جدي”.  
تقديم سيرة الشاعر أو الأديب بشكل مختصر مع حفظ قصيدته الشعريّة كان الأمر لا يختلف عن حفظ جدول الضرب من دون فهم تفاصيل موسعة عن الشاعر وقصيدته يجعل الطلبة لا يستمتعون بهذا الدرس. 
وتشير آيات إلى أن مناهج اللغة العربية والتاريخ والفلسفة والاقتصاد من أكثر المناهج التي تكون بحاجة إلى المكتبة المدرسيّة، لتوسع أفق الطالب مداركه وترتقي بوعيه.
 
تحدي القراءة
إنَّ وجود مكتبة مدرسيَّة يؤثر على ثقافة الطالب ويزيد من معرفته، فضلاً عن ثقافته العلمية والتوثيقية وتوسيع مداركه خارج المناهج الدراسية بحسب الطالب ساجد قيس، 18 عاماً.  
يقول قيس: تبهرني بعض الدول، وخاصة الإمارات بطريقتها في تشجيع الطلاب على القراءة عبر مسابقات باسم “تحدي القراءة العربية” وهو معني بطلبة المدارس الذين تغيرهم هكذا جوائز وتشدهم مثل هذه الحوافز. 
ويعتقد قيس أنَّ هذا الأمر يحفزه لقراءة كمية كبيرة من الكتب وحتى إذا لم أفز الجوائز إلّا أنني سأكون مواكباً لبورصة الكتب. 
وتقول التدريسيَّة ابتسام حامد إنَّ هناك العديد من مصاعب إنشاء مكتبة مدرسيَّة، وربما أهمها يتعلق بتوفير قاعة أو مكان خاص، فضلاً عن الكتب وأنواعها. 
وتضيف أنَّ “الطالب العراقي اليوم يشعر بالضيق من مكانه الدراسي بسبب قلة مساحة المدرسة، بسبب أن بناية واحدة تضم أكثر من مدرسة”.  وترى ضرورة توفر مساحة كافية في كل مدرسة حتى يتمكن الطلبة من تخصيص وقت يومي لهم وهم ينعمون بالتجول بين رفوف الكتب لمطالعتها.  لكن المشكلة بنظر حامد تقع في أن وقت الدراسة مضغوطاً، حيث يخرج طلاب مدرسة ليدخل طلاب مدرسة أخرى إلى نفس البناية، حتى أن الطالب لا يملك وقتاً للفسحة الدراسيَّة. 
وتشير إلى أن إنشاء مكتبات داخل المدارس مهمة بحاجة لدعم مستمر ومنهجة ومتابعة من قبل الجهات المختصة.   
 
شخصيَّة الطالب
أما الناقد والأكاديمي د. نصير جابر فيقول: كان من ضمن تقسيمات جدول درس اللغة العربية المعتادة: (قواعد –أدب –إنشاء –مطالعة -إملاء) حصّة ينتظرها الطلاب بشغف كبير تحت اسم (المكتبة) حيث يكون درس المطالعة داخل مكتبة المدرسة التي تحتوي عادة على أمّات الكتب والمصادر والروايات والمجلات ويكون استغلال الدرس عادة في السماح للطلاب بالتصفح وكتابة تقرير سريع موجز عن الكتاب الذي اطلعوا عليه. 
 والحقيقة أنَّ المكتبة المدرسيَّة حلقة مهمة جداً، ففضلاً عمّا توفره من معلومات عامة تغني وتبني شخصية الطالب وتوجهه نحو طريق العلم والمعرفة والبحث، هي تُربيه أيضاً على حبّ الكتاب، ومن ثمّ تشجعه بطريقة غير مباشرة على دخول عالم الثقافة بوقت مبكر، وفق تعبيره.  
ويشير إلى أن مكتبة المدرسة درس لا يشبه كل الدروس، ففيه حوار وجدال يمكن أن يجعل من الطالب واثقاً من نفسه وهو يشكّل شخصيته العلميّة والمعرفيّة.   
ويعتقد أنّ الحاجة تزداد الآن جداً إلى المكتبات المدرسيّة خاصة بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي قد تجرّ الطالب إلى مجالات كثيرة بعيدة عن التوجهات الجادة التي تغني شخصيته.