احتفلوا بملكتهم محبةً وقتل ملكنا كراهةً

آراء 2022/06/07
...

  عبد الحليم الرهيمي
 
تابعتُ كما تابع ملايين الناس في بريطانيا وبلدان العالم مراسيم وفعاليات الاحتفال باليوبيل البلاتيني لتولي الملكة اليزابيث الثانية العرش البريطاني، منذ 70 عاماً وكان عمرها 26 عاماً.
وقد عبّر البريطانيون وشعوب دول (الكومنولث) باحتفالهم البهيج، عن احترام وتقدير وحتى محبة الملكة، وبمن فيهم أولئك الذين لهم رأي سلبي بالنظام الملكي، ودعوتهم لاستبداله بالنظام الجمهوري، وذلك لثقافة المجتمع البريطاني الرافضة للعنف في تغيير النظام السياسي، ولمحبتهم كذلك لشخص الملكة، التي امتلكت شخصية كارزمية محببة لهم، وساعدت على حفظ التوازنات في المجتمع، رغم أن الملكية في بريطانيا تسود ولا تحكم .
الاحتفالات المهيبة والبهيجة بهذه المناسبة استمرت لأربعة ايام (من 2 حتى 5 من آيار الحالي) شاركت الملكة، ما استطاعت، ببعضها، لا سيما الافتتاح والخاتمة لكبر سنها .
هذه الاحتفالات بفخامتها وتعدد فعالياتها والمشاركة الرسمية والشعبية، بها حملت العديد من الدلالات أبرزها:
- التعبير عن التقدير والاحترام الكبيرين للملكة ذاتها، والى حدٍ كبيرٍ للنظام الملكي الذي لا يريده كثيرون من البريطانيين.
-التعبير عن حرص البريطانيين بغالبيتهم العظمى على تأييد النظام الملكي واحترام وتقدير العائلة المالكة والتي عبرت الملكة اليزابيت الثانية، طيلة سنوات توليها العرش، عن الحكمة والتوازن في ضبط الصراعات والخلافات في الحكم اولاً، وفي وضع العائلة الملكية ثانياً. 
غير أن هذه الاحتفالات بالمناسبة والاهتمام واسع النطاق بوسائل الاعلام في نقلها، دفعتني لنتذكر الحادثة المؤلمة التي حصلت في 14 تموز عام 1958، التي ارتكبت خلالها مجزرة قصر الرحاب المروعة بأفراد العائلة الملكية، ومقتل الملك فيصل الثاني الذي لم يتجاوز عمره آنذاك الثالثة والعشرين عاماً ومّر على تتويجه ملكاً أربع سنوات .
لم يحتفل العرافيون رسمياً وشعبياً بأي ذكرى سنوية للملوك الثلاثة: فيصل الاول، غازي، فيصل الثاني، ولم يبتدعوا مناسبة للاحتفال بأي مناسبة للتعبير عن تقديرهم واحترامهم لملوكهم، وإنما اقتصر ذلك التقدير والاحترام على بعض القادة السياسيين والروحيين وعلى رأي عام صامت، لكنه كان يعبر من دون تردد عن رأيه السلبي بالوصي عبدالاله من العائلة الملكية .
لقد عبر مرتكبو مجزرة قصر الرحاب ومقتل الملك فيصل عن روح الكراهية، التي كان يحملها بعض الضباط وبتحريض من بعض الجماعات السياسيَّة، التي عملت على تعبئة هؤلاء بالحقد والكراهية دونما أسباب وجيهة. ولأن مجزرة 14 تموز العنيفة لم تدان وترفض، بقيت التعبئة والتحريض على الكراهية، لمن يختلف مع الآخر حاكماً كان او حزباً او شخصاً، وهو الامر الذي ينبغي أن يوضع حدٌ له بإنهاء نزعة الحقد والكراهية ضد الآخر المختلف.