عندما تكون الانتخابات عامل تعقيد

آراء 2022/06/11
...

 صالح لفتة
 
لبنان والعراق ينظمان انتخابات ديمقراطية رغم مساوئ قانون الانتخابات وتدخل المال السياسي واستخدام الخطاب الطائفي، وتَدخل دول في تلك الانتخابات، لكنهما يبقيان حالة فريدة في العالم العربي، الذي يفتقر لهذه الأجواء الديمقراطية بتصويت الشعب على من يمثله، من دون خوف من الاختيار أو توجيه الدولة وتدخلها بفرض شخصيات معينة، ورغم هذا الجو الديمقراطي، فإن المشهد السياسي بالدولتين يتعقد أكثر بعد كل انتخابات والمتغيرات التي تأتي بها الانتخابات قليلة، وهي أقرب للفشل منها للنجاح في العراق ولبنان على أساس المعطيات والأداء للعملية الديمقراطية، لعل هذا الوصف فيه شيء من القسوة على من يدافعون عن الانتخابات، وأنها الطريق الأسلم للحكم ولإيجاد الحلول، لكن الواقع غير الأمنيات والحقيقة تشهد لها حال البلدين، والتراجع على جميع الصعد والانسداد السياسي ونقص الخدمات ووصول البلدين لطريق الانهيار، وربما تهديد السلم الأهلي والتلويح باستخدام السلاح والاحتكام للشارع، لفض الخلافات بعد كل انتخابات. 
 
الانتخابات ينظر لها لإحداث تغيير في أوضاع الناس وأحوال البلد ولحلحلة الأزمات كالبطالة والتراجع الاقتصادي والانقسام السياسي الحاد، الذي نتجت عنه احتجاجات شعبية ضد الأحزاب والشخصيات الفاسدة، لكن حتى الاحتجاجات في كلا البلدين، فشلت في إحداث تغيير وجاءت نتائج الانتخابات دون مستوى الطموح، بل إن الانتخابات التي أجريت مؤخراً عقدت المشهد السياسي أكثر، ولم تسفر عن أغلبية مريحة تمكن جهة معينة من تشكيل الحكومة وبقيت الأوضاع كما هي عليه. والمحصلة الوجوه نفسها، التي خرجت عليها الجماهير مطالبة بتغيرها.
 
تتشعب أسباب هذا التعقيد والفشل في كلا البلدين لكن الأكثر أهمية، هو صراع الزعامة بين الفرقاء السياسيين ورؤية كل زعيم بأنه الأحق بفرض ما يراه على الجميع، وتقديم مصلحته على حساب المصلحة الوطنية، وكل الخلافات التي تؤخر أو تعيق تشكيل الحكومات ستنسى ويرمى بها جانباً عند تقارب الزعماء، والسبب الآخر تناقض الناخبين بين الخروج للفضاء الوطني واختيار الأصلح، وبين التقوقع واختيار من يمثل مصالح فئوية أو طائفية أو عرقية، ربما بسبب الفشل بتشرب مبادئ الديمقراطية بشكل واضح، وقد تكون الازدواجية لدى الناخب الذي يرغب بمطالب متناقضة، أو كما يشاع بأن المواطن العربي غير جاهز للديمقراطية، أما الأسباب التي يراها البعض مهمة كقانون الانتخابات أو المحاصصة أو غموض النصوص الدستورية، فما هي إلا نتائج لصراع الزعامة والاختيار الخاطئ للناخبين، ومتى ما تم تجاوز هاتين النقطتين، ستكون الانتخابات والديمقراطية عامل حل لكل مشكلات 
الدولتين.