وليد خالد الزيدي
ماذا أرادت أن تقول السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير في عبارتها المثيرة (أريد أن أخبركم شيئا)، حينما بدأت حديثها بتلك الكلمات،وأردفتها بأن الاقتصاد الأميركي الآن في وضع أفضل من أي وقت مضى، وشعوراأدارتها بأنها تتعامل بإيجابية مع التضخم والعمل على خفض الأسعار.
ييد أن هذا التصريح يأتي في ظل ارتفاع أسعار البنزين، والتضخم عند مستويات تأريخية، كما ازدادت أعباؤه على القطاع الزراعي الأميركي، باعتراف المتحدث باسم ولاية أوهايو الأميركية تاي هيجينز بتداعيات ارتفاع أسعار الوقود في بلاده، بعد أن ضاعفت تكلفته على المزارعين هذا
العام.
وهناك أمرٌ آخر أعطى ظهره لما تريده واشنطن هذه الأيام، وهي تدعي أنها تلعب دورا رئيسيا في الحد من أزمات العالم، اليوم حينما شعرت بقلق شديد أزاء قيام الهند ودول أخرى بشراء كميات إضافية من النفط الروسي، لا سيما أنها تعد الهند من بين أهم شركائها، فضلا عن عزمها على تعزيز أمن الطاقة في مناطق المحيطين الهادئ
والهندي. وعلى ما يبدو أن الإدارة الأميركية ومن يدور في فلكها تؤمن بمقولة (المتفائلون يعيشون مدة أطول)، لكونهم اكثرتخيلا لصور الحياة الجميلة، فيكونون ضمن أنماط تعيش وفق مستويات أعلى من الشعور بالأمل والسعادة، كما أن أطراف الإدارة الاميركية اتجهت نحو انشاء أحاديث الأماني والأحلام، بعيدا عما يظهره الواقع غير المرغوب فيه، الذي أخذ يتعاظم بالضغط على الشعب الأميركي والعالم (على حد سواء).
وفي إشارة أخرى تدل على متاهة المسؤولين في واشنطن وغياب رجاحة عقول معظمهم، ما نشره رئيسهم جو بايدن في قت سابق بشأن خطته لمكافحة التضخم، حيث يرى بايدن أن السبب الرئيس في ارتفاع التضخم، هو العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مدعياً أن العبء الرئيس من ارتفاع التضخم يقع على عاتق نظام الاحتياطي الفيدرالي، وهذا ما جعله يصرح بين الفينة والأخرى، بأنه بصدد وضع حزمة جديدة من الاجراءات المضادة لروسيا، بينما أظهرت صور تعاطي الإدارة الأميركية مع الأحداث الكبرى في العالم مشاهد غير واضحة وأشكال متموجة، حينما انتقد الكثير من الأميركيين عمل ادارة بلدهم، وأعربوا عن استغرابهم من التصريحات المتناقضة، ففي الوقت الذي نوهت به واشنطن الى أن الحد من عائدات النفط الروسي، ما زال هدف السلطات الأميركية والدول الغربية، والكثير من أصدقاء واشنطن في العالم، أكدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، أن الولايات المتحدة مهتمة بالحفاظ على تدفق النفط الروسي الى الأسواق العالمية، حيث تتباهى أميركا وحلفاؤها برفض استيراد النفط الروسي، لكنهما يواصلان شراءه باستخدام طرق ملتوية متعددة، لا سيما أن الأوروبيين يتلقون خليط النفط اللاتفي، الذي نصفه روسي منذ فترة طويلة.
تلك المواقف المتأرجحة لم تمر على الرأي العام الأميركي، من دون انتقادات حادة، فخلصت دراسة الى أن أدعاء حكومتهم محظ هراء من المستحيل أن يؤمن بها الناس في نهاية
المطاف.