تسريبُ الأسئلة الوزاريَّة.. أثرٌ من الإخفاق العام

آراء 2022/06/13
...

 د. علي كريم خضير
 
عندما يعود بنا الزمن الى الوراء، ونقلّب الأيام والذكريات نستذكر حياتنا الدراسية، ونتكلم بفخرٍ وزهو عن معلمنا الفلاني، ومدير المدرسة الفلاني، ونبدأ بسرد القصص، التي جمعتنا وإياهم في هذه المسيرة التربوية العامرة بالأبوَّة والحرص والحثِّ على مواصلة الدرس واستيعابه، من دون أن تشعر بالضجر والاكتئاب، وكأنَّ اليوم الذي يشير اليك المعلم فيه بالرضا والقبول هو أجمل وأحلى يوم في الحياة.
 وعلى الرغم من صغر أعمارنا، وقلَّة إطّلاعنا نتباهى بأننا قد اجتزنا المرحلة الابتدائية عن طريق الامتحان الوزاري(البكالوريا)، لما لهذه الفاصلة الدراسية من هيبة في قلوبنا، بفعل ما تحمله النتائج فيها من معايير صادقة عن المستوى الحقيقي للطالب، ولم نسمع يوماً أن جزءاً من سؤال قد ظهر، أو أسئلة سُربت من مدرِّسة، او مدرِّس، أو جهة تعليمية مهما صغُرت أو كبُرت، بيد أن ما يحصل اليوم يضع الجميع أمام مسؤولية الأمانة العلمية من أعلى هرم في القيادة التربوية، وحتى أبسط معلم في المناطق النائية، هؤلاء جمعيهم مسؤولون عن انهيار المنظومة التعليمية في العراق. 
وإذا كان دور المعلم بدأ بالتلاشي منذ النظام المباد عندما أصبح المعلم يتقاضى راتباً شهرياً لا يوازي الأجرة اليومية لأبسط عامل آنذاك، فإنَّ هذه النظرة المأساوية والتغييب ظلَّ يلاحق المعلم حتى يومنا هذا، وقد يكون من آثار هذه النظرة تهميش مهمة المعلم الأخلاقية ودوره الكبير في تنشئة المجتمع، إذ أصبح كلُّ من هبَّ ودبَّ صالحاً أن يكون لهذهِ المهنة العظيمة، من دون أن يمر هذا الشخص بالإختبارات اللازمة للصلاحية من قبل لجان متخصصة وكفوءة في تقييم مستواه العلمي والثقافي والأخلاقي والاجتماعي، كي يكون مؤهلاً لأداء الوظيفة بتقديرٍ عال. 
كذلك أهملت وزارة التربية/ قسم التدريب والتطوير إشراك المعلمين والمدرسين في دورات تطويرية مكثفة خلال العطلة الصيفية حصراً، يكون على أساسها وضع معايير الترقية والترفيع، وتحديد المراحل التي يصلح فيها المؤهل بعد الدورة لتدريس المرحلة الدراسية من دون غيرها.
كما أن تدخُّل المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام في المنظومة التعليمية، يعدُّ من الأمور السلبية في تقييد الملاكات التدريسية بمنهجيات لا تصلح لواقعنا التعليمي، إذا ماعلمنا بأن هذه الجهات تولي القضايا الشكلية أهميةً أكثر مما هي عليه في القضايا الموضوعية. 
ولا شكَّ أن هذه الإشكاليات قد جعلت أطراف العملية التربوية تعيش فوضى الإرباك في القرارات، وفي الإعداد والتطوير، وفي تسنم الكفاءات التعليمية البارزة لمفاصل الوزارة المهمة، وبالتالي سريان الأخفاق على المفاصل الأخرى عامةً.