عندما تكون الصحافةُ موجهةً

آراء 2022/06/18
...

 جعفر العائدي
عندما تجلس متأملاً تتابع نشرات الأخبار عن طريق الإعلام العالمي في قنوات أو محطات ٍإعلامية مهمة، تتسم كما يراها البعض بالمصداقية والمهنية، تكتشف الكثير من الحقائق الموجهة، نحو مجتمعك السياسي والاجتماعي، نعلم وتعلمون أن هذه المحطات تمول مواردها من جهة ما، سواء كانت رسمية او غير رسمية، تفرض عليها في النهاية سياسة تحريرية محددة. جذبني جدا تلفزيون «بي بي سي» عربي هذه القناة الاخبارية التي تبث للشرق الأوسط من قبل هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي»، وهي تصنع في كل أزمة سياسية عراقية مصطلحا يتصدر المشهد الإعلامي، سواء في الصحف أو الإذاعات أو التفزيون وآخرها الانسداد السياسي، انتبهت إلى ولادة المصطلح بعد أزمة تشكيل الحكومة وتوقف عجلة الحوارات السياسية، ليكون أكثر رواجا واستخداما في المحطة البريطانية، بعد أقل من شهر كامل تحول المصطلح من حيث لا نشعر إلى إعلامنا الرسمي والخاص من قنوات وصحف واذاعات، بحيث صار الانسداد السياسي تريند للأزمة السياسية في مائدة الاعلام، تصدير المصطلحات في بيئتنا الاعلامية ربما يكون الاسهل بالنسبة لمسوقيه لوجود خصائص مشتركة للجمهور المستهدف، تتعلق بالاهتمامات، وفي مقدمتها السياسية، الأعلام كان وما زال هو صناعة او مهنة محترفة لتكوين الرأي العام الموجه ضد جهة أو أشخاص، لا سيما إذا كانت المجتمعات تشبه تناقضاتنا واختلافاتنا وشرخنا الاجتماعي، فصناعة وعي اسلوب أو سياق تمارسه المحطات الاعلامية الكبيرة لاختصار المشهد في دول الشرق الاوسط وفق اهدافها وتطلعاتها، في حين لم يفلح الاعلام المحلي ولسنوات قضت على تصدير مصطلحات سياسية تختزل الواقع بنحو ايجابي، يتسم بالأمل أو الانفراج، باعتقادي أن هذا الموضوع بحاجة إلى تنسيق عالي الدقة بين وسائل الاعلام المحلية، رغم صعوبته بسبب اختلاف التوجهات السياسية للمؤسسات وأيديولوجيا الجهات الممولة، بينما يرى كثيرون أن مسؤولية تصدير المفردات وتعميمها في السياق الدارج مسؤولية الاعلام الرسمي، باعتباره المظلة الموضوعية والحيادية بين عشرات المؤسسات الاعلامية الموجهة او المملوكة لجهات
 وشخصيات.  في النهاية تترسخ القناعة بأهمية حماية البيئة الإعلامية من مفردات تعمق من الفجوات المتراكمة في مجتمعاتنا، لاسيما الاجتماعية والسياسية، في وقت لم يكن فيه مصطلح الانسداد السياسي الأول ولا الأخير، الذي يتلقفه وسطنا الصحفي في ظل كم كبير من الفوضى يسود المجتمع.