أولويات

آراء 2022/06/18
...

 عدوية الهلالي
يشغل تغير المناخ العالم كله، وكانت الأمم المتحدة قد أقامت مؤتمرا حول التصحر والجفاف في أبيدجان خلال الشهر الفائت، وتبين أن العراق من أكثر البلدان تأثرا بالظاهرة، حيث يتزايد اتساع مناطقه القاحلة، فبلادنا شبه صحراوية، وتعاني بشكل متزايد من عواقب الجفاف.
إذن فمن الواضح أن السبب الأول مناخي.
اذ يصبح المطر أقل فأقل سنويا، وتصل درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في الصيف، قد تصل إلى مافوق 50 درجة مئوية، ما يؤدي إلى تبخر أكبر للمياه.
لكن هنالك أسبابا سياسية أيضًا لأن العراق يعتمد بشكل أساسي على نهري، دجلة والفرات، من حيث الموارد المائية. 
ومع ذلك، فإن مصادرهما موجودة في تركيا وإيران، حيث تم بناء سدود ضخمة في السنوات الأخيرة، مما حرم العراق من تدفق الكثير من هذه المياه إلى البلاد. 
وإذا لم يتم فعل أي شيء، فلن يكون هناك المزيد من المساحات الخضراء، ولا مزيد من المنازل، ولا مزيد من مياه الشرب وسيصبح العراق ببساطة صحراء. 
وتقدر الأمم المتحدة أن العراق ربما يفقد 20 % من موارده المائية خلال عام 2025 مايسرع من عملية التصحر.
الموقف مقلق للغاية اذن وله عواقب متعددة، بما في ذلك العواصف الترابية المتكررة التي تحيط بالمدن بالكامل مثل سحابة برتقالية كثيفة، حيث يستحيل رؤية أكثر من بضعة أمتار، ويسبب ذلك الآلاف من حالات الاختناق بسبب مشكلات في الجهاز التنفسي. 
ولكن هنالك أيضًا عواقب اقتصادية، اذ تتعطل ابواب رزق المواطنين كما يحدث عادة مع كل أزمة تمر بالبلاد، ويكون المواطن هو من يحصد النتائج، فالمزارعون على سبيل المثال يعانون على مدار العام من هذا الجفاف ونقص المياه، فلم يعد بإمكانهم سقي حقولهم، وأحيانًا يتورطون في الديون في بناء الآبار، أو يختارون الاستقرار في مكان آخر، في المدن، للعثور على وظيفة أكثر أمانًا،ما يؤدي إلى تضخم سكاني وحالة عدم استقرار في البلد.
نحن نواجه، مثل البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم، موجة جفاف قياسية هذا العام وسيؤثر النقص الشديد في المياه بشكل خطير على محاصيل المزارعين مثل القمح، ما يعني أننا سنتأثر قبل غيرنا بنقص المياه والغذاء، لكن ما يؤسف له أننا الأكثر عنادا ولامبالاة في مواجهة الأزمات، وبدلا من وضع الخطط والحلول الناجعة والتعويضية، فإننا لا نكف عن الخلاف والاختلاف حول القرارات السياسية والاقتصادية، ولن يهمنا أن نتصدر دائما قوائم الدول الأسوأ في امور عديدة، فالمهم لدينا أن نراقب تصاعد التوتر بين الاحزاب السياسية، وقد نشارك فيه ونذهب ضحية له، قبل ان نحظى بحكومة تضع أنقاذنا من الأزمات في أولى أولوياتها.