عادل جبار
قبل بضعِ سنوات كان كُل من يُذاع له صيت ويرتفع شأنه وتكبر أهميته بين الناس يُسمى (مشهورا)، وأقصد أولئك الذين يسلكون طريقا خاصا للنجاح ويخطونه خطوة خطوة، وفي مختلف الاختصاصات وبشكلٍ مؤكد انهم من القلائل جدا.
وبهذا يكون لهم تأثير إيجابي في المجتمع الذي ينتمي له، حيث مذهب العلم والتقدم والبحث عن المعلومة والمطالعة والقراءة.
ما يحدث اليوم وبعد اجتياح كورونا لبقاع العالم وظهور ما يسمى بالتواصل الالكتروني وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن الكثير بات يقتل وقته متنقلا بين التطبيقات الالكترونية، بحثا عن خلاص للفراغ الذي كان يعيشه مما اصاب الكثير بهوس الشهرة والظهور على المنصات الالكترونية، اضافة للتطورات ذات الايقاع المتسارع، التي ضربت نواحي الحياة بمختلف مسمياتها الاخلاقية منها والتعليمية، التي بدأت تتهاوى ولا مصد لها من عواصف التغيير.
بعد استفحال ظاهرة (الطفح الالكتروني) وظهور فقاعات على سطح العوالم الرقمية، التي لا أساس لظهورها سِوى الجعجعة والفراغ الذين كان يملأ ايامهم .
(مشاهير السوشيال ميديا) عبارة أُطلقت جُزافا على كل هاوٍ للظهور على شاشات الهواتف الذكية، من دون هدفٍ او رسالةٍ تُذكر وهم انفسهم لايدركون لمَ عليهم (التمثيل)، بهذا الشكل الرث والذي قد يصل احيانا حد الابتذال امام كاميرات هواتفهم، ليصلوا من خلالها إلى بيوتنا وأفكار أولادنا، حتى لا يعي أحدهم بمَ اشتهر وبمَ تميز ولا حتى ماهية نتاجهم العملي والفكري، الذي يخدم المجتمع فيه وما الذي قدمه كما يُطلق عليهم المشاهير للعراق وللثقافة والآداب والتعليم، ربما لأن تحصيلهم الفكري هو جمع أكثر عدد من المتابعين، كونهم يستقطبون الناس لمتابعة أعمالهم الفردية او حركاتهم البهلوانية أو أفعالهم التي لا ترتقي لذائقة المتابع العام، وحتى التفاصيل الشخصية التي اصبحت لاقيمة لها لديهم.
شُهرة تعتمد الابتذال بما يُقدم على مواقع التواصل من مشاهد وفيديوهات، من دون رقيب او حسيب فتح الباب على مصراعيه في نشر ثقافة التخلف والاقتداء بالقدوة السيئة، وتجدهم كل يوم في مكان يروج لبضاعة معينة ويعرضها على متابعيه.
فمن يُشترى بالمال ويروج لأي بضاعة كانت دون معرفة تفاصيلها، وكأن لا هم له سوى أن يكسب المال.
إنَّ عدم وجود الرقابة على المحتوى الإعلامي المُقدم هو احد اسباب التدني الاخلاقي والمعرفي لدى المجتمع، كونه ببساطة مجتمعا عاما يتأثر بما يُنشر على سطح مُتابعه، سواء كان المُحتوى صحيحا أم خاطئا.
هوس الشهرة والانتشار أصبح أشبه بالعدوى الكل يريد أن يصل إليها لا يعرف ما طريقة الوصول المهم أن يصل كيف وأينما كان، على المجتمع الرقمي اليوم ضرورة كبرى لفرز أهمية المحتوى الالكتروني، الذي يتم بثه وما أن يكون الشخص المشهور مؤثرا فيه بشكل ايجابي بما يقدمهُ من محتوى يُحتذى به ويكون له موقف مبني على افكار وطرح مواقف بناءة، كونه قدوة بألفاظه وافعاله لمن يشاهده.
وأن يُساعد على اعادة هِوية المجتمع التي اضحت مشتتة بين عوالم التغيير.