مبادئ أساسيَّة تسبق الحواراتِ الـوطنيـَّة

آراء 2022/06/18
...

  سعد الراوي *
الحوار هو شكل من أشكال التواصل اللفظي او الكلامي بين شخصين او اكثر ووسيلة للتفاهم بين الافراد والجماعات والشعوب والحكومات، ويعتبر سمة حضارية لمن يلتزم بقواعده وهو يتناول موضوعا معينا، وقد يكون داخل جهات في الوطن او بين السياسيين او بين الأمم او العلاقات والخلافات الدولية. والحوار البنّاء هو الحوار الذي يكمن وراء اجراءه هدف حقيقي مثمر، للوصول إلى النتيجة المنشودة من ورائه، وقد يستوجب اقناع بعض الأطراف بضرورة التخلي عن بعض مبادئها او قناعتها في مسألةٍ معينة، كانت لديها أفكار غير دقيقة وقد تكون خاطئة.
 
 كثرتْ مجاميع النخب في وسائل التواصل الاجتماعي وفي غيرها، ولا تخلو مجموعة متخصصة بعلم معين أو أهداف معينة أو رؤية موحدة إلا ونرى خلافاتٍ تطفو على حواراتها، وأننا ما زلنا (ولا نعمم على الجميع) نرى بأن هناك من يتغافل آراء الآخرين ولا يقبلها، والبعض الآخر وهم قلة يريد أن يفرض رأيه ويلغي الآخر أو يعتبر نفسه على صواب دائما.. الخ، ولا أُريد أن أُسهب لكن وودت أن أطرح رأيا قبل أن نبدأ بحوار بنّاء فاعل منتج، ممكن تطبيق نتائجه على أرض الواقع رغم كل المعوقات، ويجب أن نعترف جميعا بأننا مختلفون فكيف نتحاور ونجعل اختلاف آرائنا للتكامل وليس للتضاد.
 وتأسيسا لما تقدم ولكي تكون مجاميع النخب قدوة لغيرها في بلادنا العزيزة أدون ما أراه مناسبا قبل أي حوار وأوجزه بالآتي:
1 -نقر بخلافاتنا في الحلول. وهذه الخطوة الأولى لبدء الحوار.
2 - استعداد تام لكل الأطراف للحوار والتفاعل والوصول إلى نتيجة إيجابية، وليس للمطاحنة والمكابرة. ولا نفكر بتعزيز آراء أو تفوق اشخاص دون غيرهم.
3 - التمتع بالمرونة التي تفرض على المتحاورين حقائق جديدة يتصور البعض أنها غير قابلة للنقاش.
4 -  يقبل أحدنا الآخر رغم الخلاف.
5 - لا تجزم بأن الحق معك دائما.
6 -  الاختلاف أمر طبيعي فهناك اختلاف في التربية وفي مستويات التفكير وطريقة الفهم، ومن غير الطبيعي هو أن نجعل الخلاف بوابة لمفاتيح الفُرقة والعداوة والبغضاء.
7 - أنا جزء من كل ولا يمكن أن أفرض رأيا تحت أي مبرر أو منحى.
8 - كلنا يقبل بالحوار الهادئ البناء الذي لا يستثني أحدا.
9 - التزام الهدوء وعدم الانفعال أبدا، فالسلوك العصبي سيُضيّع الحقائق الإيجابية التي يمتلكها المتحاورون.
10 - نُجمع بأن الحل ليس بيد شخص أو حزب أو طائفة أو قومية أو دين أو قبيلة أو أي توجه.
11 - ليعلم كل منا له رأي محترم وعليه احترام آراء الآخرين، وأن آراء الجميع تحتمل الخطأ والصواب.
12 - التخلص من الأحقاد او النظرة السلبية تجاه الاخر لكي يحقق ذلك الأريحية في الحوار، وينهي النتيجة السلبية بسبب رأينا المسبق تجاه الاخر.
13 - يجب احتواء الحكومة للمعارضة داخل الوطن ومحاولة إرجاع من هم في الخارج، فهناك دول تستغل وجودهم وتبدأ بالدعم لا لشيء إلا من أجل تخريب وتدمير البلاد مهما ادعوا، والأمثلة كثيرة. فخلافاتنا تُسهل تدخلات الدول لا بلْ تستغلها.
14 - الاهتمام بالانتخابات لا يعني البتة إنني أعتني وأهتم بالسياسة والسياسيين، أو أنني سياسي (ومن لم يهتم بالسياسة يحكمه أناس لا يهتمون به)، لكنها ممكن أن تكون الوسيلة الأسلم والأسهل للتغيير والإصلاح، إذا أتقَنّا فنونها وإجراءاتها واجتمعنا على نزاهتها ونبذ أي خرق أو تزوير لنا او لأي طرف.
15 - ممكن أن نفكر بتشكيل كتلة تاريخية غير سياسية ضاغطة بنزاهتها وخبراتها وثقة الأغلبية بها، وهذه ممكن أن تكون مفتاحاً للخير مغلاقا للشر. وهنا نحتاج الى وقت وحوار عميق لتشكيل هذه الكتلة حيث تؤثر في السياسة ولا تخوضها.
16 - المهم أن نصل إلى بر الأمان بك أو بغيرك، وقد يكون بغير مركبي طالما وصلنا إلى اتفاق ممكن العمل بموجبه.
17 - إن اختلفت معك فأنا لست ضدك ولا أنت ضدي.
18 - الآراء للحوار والنقاش وليست لفرضها على الآخرين.
19 - الوطن يتسع الجميع وليس لك أو لي.
20 - من يؤمن بأفكار أو معتقد أو أيديولوجية معينة سواء كان حزبا أو دينا أو قومية أو طائفة، لا يمكن أن يفرضها على الآخرين ولا الآخرين يفرضون عليه.
21 - لا يمكن أن أفكر بأنه إذا لم تكن معي فأنت ضدي أو ضد حزبي أو الدين أو المذهب أو الله او الوطن... الخ.
22 - يبقى الحب بيننا وإن بقينا مختلفين طول الوقت، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
23 - عندما نحسن كيف نختلف سنحسن كيف نتطور واختلافنا رحمة وليس نقمة.
24 - إن لم تكن معي فلا يعني أنت مع عدوي. لتتسع قلوبنا آراء الجميع.
25 - حاول إقناع الآخر بوجهة نظرك لا أن تفرض رأيك على الآخرين.
26 - التسامح عما سلف وحسم أي قضية عن طريق القضاء حصرا. وممكن التفكير بتشريع قانون {العدالة الانتقالية} لحسم هذا الملف وإنهاؤه.
27 - الدستور والقوانين رغم ما فيها من إشكالات تطبق على الجميع بعدالة متناهية لحين تعديلها، ولا أحد فوق الدستور أو القوانين مهما كانت تبعيته أو منصبه أو تمثيله في الدولة ولا يستثنى من المساءلة أحد.
28 - لا يحق لأي طرف أن يضع الخطوط الحمراء على الآخرين، خصوصا دعاة الإصلاح من الأطراف الأخرى.
29 - خيارات رفض الحوار وقبول الآخر مُرّة وقد تتطور إلى إراقة دماء ولا يعرف ما تؤول إليه الأمور الا الله.
30 - عندما يُمجد أي طرف دولة أخرى فلا نعيب على الاخر إن لعنها ومَجد غيرها.
31 - عندما يسمح طرف بتدخل دولة معينة فسيسهل دخول دول أخرى، لأننا مختلفون في توجهاتنا وآرائنا وهذا تحسمه الاتفاقات الدولية ومصلحة الوطن لا يحدده شخص او جهة بعينها.
32 - تعدد الآراء والأفكار نعتبرها إثراء وتكاملا وليس تضادا أو تخاصم.ا
33 - لا نسمح بالقطيعة للمخالف لرأيك ولا احتقار لرأي المخالف أو ازدرائه، ولا نُكِنْ في القلوب إلا الحب للجميع بما فيها المخالف.
34 - نفكر جميعا ببناء دولة المواطنة ودولة المؤسسات يتساوى فيها الجميع، ولا نفكر بتشكيل سلطة نتقاسم فيها النفوذ والغنائم والمصالح.
35 - لا يمكن قيام دولة او حكومة وطنية او محلية وفيها من المظالم ما لا تعد، فلا بدّ من إقرار وجودها والبدء بحلول جذرية لا فردية أو جزئية.
36 - لا تجعل من نفسك بسبب خلافك مع غيرك موقدا لشرارة الفتنة، وحاول أن تكون مفتاحا للخير مغلاقا للشر، ولنسعي جميعا بالوقوف ضد من يؤجج الخلاف ويستغله ولنترك هذا الميدان لأشخاص أهلا لحسم الخلاف، فالوطن مليء بالجروح ويحتاج الى من يضمدها.
37 - من يتنازل عن رأيه ويتسامى عن الخلافات لأجل الوطن والمواطن، يستحق كل التقدير والاحترام فقد سأمنا الخلافات وما آلت اليه.
38 - لتكن حواراتنا حوارات العقلاء الذين لا يهمهم إلا الوصول إلى بر الأمان وشاطئ المحبة والازدهار، فبها تنمو وتستقر الأوطان.
39 - هذه الحوارات تحتاجها كل أطياف الشعب ومكوناته على اختلاف قومياتهم وتوجهاتهم السياسية والعشائرية للجلوس والتحاور، فقد تعددت الإشكالات وتعذرت الحلول فاستفحل الخلاف في ما بين الأطراف، وحتى في داخل صفوف كل طرف وتغاضينا أو تكابرنا عن وجود الخلاف أدى إلى زيادة الاختلاف والكراهية ونبذ الآخر، فوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، وخوفنا من ازدياد الأمر سوءا لا سمح الله إن لم نبدأ بإيجاد الحلول.
40 - أخيرا فالسعيد من اتعظ بغيره، والشقي من أتعظ به غيره، فلنبدأ بالحوار ولنكن قدوة لبلدان ومناطق أخرى يستمر فيها الخلاف والتهجير والقتل والتدخل الخارجي.... الخ. 
 هذا ما وددت طرحه وحتما هناك آراء وأفكار لأشخاص أجدر مني للخوض في مثل هذا المضمار فلدى بلدنا من الكفاءات والعقول الراجحة ما لا تعد داخل وخارج الوطن، عسى أن يبدأ كل المهتمين بالوطن واستقراره وهم كثر ولله الحمد بوضع الأسس الصحيحة للحوار البنّاء الفاعل. فلا يمكن بناء الوطن في ظل استمرار الخلافات ، وما أدت لتدخل الآخرين في مقدراته وقراراته.
 والله ولي التوفيق وهو المعين بعد إخلاص النوايا. 
 
نائب رئـيـس مجـلـس مـفـوضيـة الانـتـخابـات في الـعراق/ الأسبـق