الخروق التركيَّة وأوراق الضغط العراقية

آراء 2022/06/19
...

   قاسم حسين الربيعي*
استمرار الاعتداءات والتجاوزات التركية شبه اليومية تجاه الاراضي العراقية من خلال تدخلها العسكري السافر، بالقصف وتدمير قرى جبلية، فضلا عن تمديد مجلس الأمة التركي لمهام جيشها بالتوغل حتى 100 كلم داخل العراق لـ(مكافحة انشطة حزب العمال الكردستاني)، ما يعني الوصول إلى مشارف الموصل من جهة العمادية ــ دهوك. 
 
 وهذا ما تطمح إليه تركيا لتحقيق أطماعها التاريخية في شمال العراق، وتجد من (حزب العمال الكردستاني) الذريعة للتدخل، لغرض تحقيق أطماعها والمسؤولون الأتراك في عهد حزب العدالة والتنمية جاهروا عشرات المرات بنيتهم استعادة حدود (الميثاق الملي) لعام 1920، والذي يشمل شمال سوريا وشمال العراق وعملوا فعلا على ترجمة ذلك بتدخلاتهم العسكرية.  إذ تحتفظ تركيا عبر تفاهمات سياسية (غير قانونية) ما يزيد عن (30) معسكراً وقاعدة ونقطة ومركز أمني ومنظومة استخبارات في شمال العراق، أغلبها في مناطق (بامرني، شيلادزي، باتوفان، كاني ماسي، كيريبز، سنكي، سيري، كوبكي، كومري، كوخي سبي، سري زير، وادي زاخو والعمادية)  وقد قامت تركيا خلال العقود الثلاثة الماضية بأكثر من عشرين عملية عسكرية في شمال العراق ضد معاقل (حزب العمال الكردستاني) في جبال قنديل لكن جميعها فشلت، و(قفل المخلب)،هو اسم العملية العسكرية الأخيرة التي اطلقتها الحكومة التركية ضد معاقل (حزب العمال الكرستاني) في شمال العراق، لكن هذه العملية تختلف عن سابقاتها من ناحية: 
 
 1 - استغلال الفراغ السياسي الذي يعيشه العراق، بالتأخير في تشكيل الحكومة. 
 
 2 -  جاءت العملية في ظل انشغال العالم بأزمة الحرب الروسية – الأوكرانية، وابتزاز أردوغان لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في قضية انضمام كل من فنلندا والسويد إلى عضوية (الحلف الناتو). 
 
3 - جاءت العملية بعد الحديث بان سيكون هناك اتفاق بين تركيا و(الكيان الاسرائيلي)لنقل غاز الاخيرة عن طريق شمال العراق إلى أوروبا. 
 
4 - يسعى اردوغان لزيادة شعبيته الداخليه بعد أن تراجعت كثيراً لصالح المعارضة في السنوات الأخيرة، ولعل هذه القضية تشكل جوهر كل تحركات أردوغان لطالما، أن الانتخابات المقبلة هي مصيرية لمستقبله السياسي.
 والخروق والتجاوزات التركية اتجاة العراق ليس فقط بخرق الحدود عسكريا، بل طالت الحقوق المائية والامن الغذائي للشعب العراقي، والسؤال الذي يطرح هنا كيف يمكن للعراق أن يتعامل مع هذه التجاوزات والخروق؟
وما هي أوراق الضغط التي يمتلك لتمنع الدولة التركية من الاعتداء على العراق، ويمكن إيجاز الإجابة على السؤال بالآتي: 
 
 1 -  تدويل الأزمة من خلال طرحها في الأمم المتحدة، لا سيما العراق يتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة واوروبا، عكس تركيا التي لديها مشكلات وقضايا خلاف مع الغرب، أو التلويح بالرد العسكري على التجاوزات التركية، وهذا سيحرج المجتمع الدولي ويقوده إلى وساطات، وهو ما يعني (تدويلا غير رسمي). 
 
2 - التلويح بالتصويت في البرلمان العراقي بالاعتراف بـ(مجازر الأرمن)، التي حصلت عام 1915. وهنا أود الاشارة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تستخدم (اضطهاد الأقلية المسلمة) في الصين كورقة ضغط ضد الأخيرة، بالرغم من أن الولايات المتحدة ليس دولة مسلمة، لذا يمكن للعراق استخدام (مجزرة الأرمن) كورقة ضغط ضد تركيا.  كما استخدام هذه الورقة من قبل الولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن، اذ قام الكونغرس الأميركي بالتصويت بالاعتراف بـ(مجزة الارمن)، وأيضاً تمَّ التصويت من قبل البرلمان الالماني بالاعتراف بهذه المجزرة، رداً على سياسة تركيا الخارجية غير المرغوب فيها من قبل الولايات المتحدة وألمانيا، وبالرغم من عضوية تركيا (بحلف الناتو)، وتمتعها بعلاقات جيدة مع المانيا، لكن تمَّ استخدمها كورقة 
ضغط.
 
 3 - توحيد الخطاب السياسي العراقي اتجاة القضايا الخارجية، ليكون عن طريق وزارة الخارجية فقط، حتى لا يضعف ويتشتت الموقف العراقي. 
 
4 - يقوم البرلمان العراقي بالتصويت على الغاء اية اتفاقية مع تركيا تسمح بوجود القوات التركية داخل الاراضي العراقية. 
 
5 - إعادة تفعيل الدعوى التي رفعتها الحكومة العراقية لدى المحكمة التجارية التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، بشأن مبيعات نفط اقليم كردستان عبر الاراضي التركية، وبموجب هذه الدعوى تقوم الحكومة التركية بسداد نحو 26 مليار دولار إلى العراق، ناجمة عن قيام الأخيرة بتصدير نفط الإقليم خلال السنوات الماضية من دون موافقة رسمية من بغداد. 
 
6 - تفعيل ‫خط بانياس لنقل النفط، والذي يمر عن طريق سوريا، وهذا سيكون بدلاً من خط جيهان التركي، الذي يشكّل مصدر النفط الخام الرئيسي لتركيا، فضلاً عن سعي تركيا أن تكون مركزاً لنقل الطاقة العالمية، تفعيل هذا الخط سيكون ورقة ضاغطة على الجانب التركي. ‬‬
 
7 - تسعى تركيا للحصول على استثمارات في العراق، لا سيما في مجال الطاقة وتحديداً في مجال الغاز، والعراق لديه اكثر من 10 حقول غاز خارج الخدمة، يستطيع العراق اللعب بورقة الاستثمار للحصول على مكاسب من الجانب التركي.
 
* دبلوماسي عراقي