صمت الدولة وحيف المواطن

آراء 2022/06/19
...

  بشير خزعل
 
عشرون عاما مضت والتكرار المقيت بسذاجة لدى ممن لا يخجل من الظهور على شاشات التلفاز والفضائيات، للحديث عن التبرير لواقع الكهرباء، ما زال ساريا بين آونة وأخرى مع تفاقم الازمة في موسم كل صيف، وزارة الكهرباء التي تطولها الاتهامات بشتى أنواع الفساد من منذ العام 2003 وحتى الساعة.
أصبحت كمؤسسة مختصة عاجزة عن حل هذه الأزمة، التي أصبحت أكثر تعقيدا من أزمة المياه في العراق، وحديث المشاريع والانجازات والمعوقات، لم يعد يفضي إلى شيء سوى الدعاية والاستهلاك المحلي، والدليل أننا في كل صيف لاهب نعود لعذابات الليل والنهار، عشرون صيفا مضى ومثلها، ربما سيظل العراقيون يعانون من مشكلة لا يتعدى حلها سوى ثلاث سنوات على اكثر تقدير، كما فعلت جمهورية مصر بتسليمها ملف بناء محطات الطاقة إلى شركة سيمنز الالمانية، التي أنهت الازمة خلال 36 شهرا فقط، قدر العراقيين أن يكون ليلهم للمعاناة مع الحر ونهارهم للبطالة والفقرتحت الحر، عضو في البرلمان العراقي في لجنة الكهرباء والطاقة  قال "الكم الهائل من المبالغ التي تصرف على قطاع الكهرباء تفوق مخيلة أي مواطن عراقي، وتقارب في ميزانيتها ميزانية دول تعتاش بأكملها على هذه المبالغ، التي تصرف على الكهرباء في بلدنا، وعزا سبب عـدم استقرار الطاقة الكهربائية بالرغم من المبالغ التي تصرف عليها إلى الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة، هذا الكلام لبرلماني مختص في الطاقة وليس تجنيا على اهل الكهرباء، إذن ما الحل يا دولة العراق؟ هل سيبقى العراقيون إلى أبد الآبدين مع أزمة مفتعلة يسترزق منها كل من استحوذ على ملف الطاقة، ما بين 6 إلى 10 مليارات دولار، معدل ما تنفقه الأسر العراقية على الكهرباء كأجور، لأصحاب المولدات الأهلية، التي خربت بيئة العراق بشكلٍ لا يمكن وصفه، فاعدادها فاقت 12000 مولدة في بغداد لوحدها.
أصبحنا نفكر بالتنازل عن كل شيء في سبيل أن ينام أطفالنا ليلا ويستظلوا نهارا بسقف بيوت فيها هواء بارد، وبوجود كهرباء تسعف المريض والرضيع، ومن يريد أن يضع رأسه على وسادة، في حديث مع فئات متنوعة وشرائح مختلفة من المواطنين قالوا، سنتنازل عن الصحة والتعليم والعمل، وحتى الحصة التموينة، مقابل ان توجد كهرباء (وطنية) بلا انقطاع وتختفي شبكات الأسلاك المقرفة في منظرها، وهي تحصد الزرع والضرع في حرائقها المستديمة صيفا وشتاءً، عشرون عاما مضت وما زلنا نتحدث عن استيراد الغاز والمحطات القديمة.
وسوء الإدارة والفساد، الكهرباء أصبحت محكا لقيام الدولة وقوتها وقدرتها في رفع الحيف عن شعبها في أقل ما تقدمه كدولة لمواطنيها، قبل أن تطالبهم بالواجبات، صمت الدولة يزيد من عذاب شعبها، استثمروا في الكهرباء فقط واتركوا الأراضي والعمارات والمولات، التي يرتفع بناؤها في ليلة وضحاها، في حين ما زالت الكهرباء في الخرائب العتيقة من المحطات التي مضى على بنائها عشرات السنين.