الدولة وحملة الشهادات العليا

آراء 2022/06/22
...

 خالد خليل هويدي
 
 لا جدال في أنّ التعليم والحصول على شهادة عليا حق لكل فرد يرغب في تطوير نفسه، وتحقيق ذاته، من طريق ولوج ميدان البحث العلمي؛ حتى يكون مؤهلًا ومالكًا لتكوين معرفي، يسهم في تطوير إمكانياته ومهاراته، بالشكل الذي يمكّنه من استغلال تلكم المعرفة في عمل يحقق له ذاته، ويؤمّن له مستقبله.  لكن مع التخمة المرعبة في عدد الحاصلين على شهادات عليا، والتي تقابلها رغبة كبيرة من عدد ليس بالقليل من الطلبة الذين يحلمون بالحصول على شهادة عليا، ورغبة كل هؤلاء بالتوظيف الحكومي تجعلنا أمام مشكلة كبيرة، لا يمكن لأي دولة استيعاب الجميع في مؤسساتها العلمية والإدارية.
 زدْ على ذلك أن ثمن الحصول على شهادة عليا من إيران أو لبنان أو تركيا أصبح لا يشكّل عائقا مهمًا أمام رغبات 
الطلاب. 
ذلك أنه بإمكان الطالب التسجيل والحصول على شهادة عليا في عدد من جامعات الدول المجاورة مقابل مبلغ لا يتجاوز الألف دولار، لا سيما إذا ما علمنا أن عددًا كبيرًا من الطلبة المتخرجين في الكليات الأهلية أو الحكومية عمدوا إلى الهجرة للحصول على شهادات عليا مقابل مبالغ قليلة بالنسبة لهم، ولا شك في أن أغلبهم يمنّون النفس بعد عودتهم بالانخراط في التدريس والحصول على وظيفة.  
كل هذه الأمور وغيرها تجعل الدولة أمام محنة كبيرة، فالكل يريد التوظيف وهو حقهم - كما يعتقدون- مع غياب شبه تام لقطاع خاص يستوعب كل هؤلاء.  
يجب على وزارتي التخطيط والتعليم النظر باهتمام لهذه الإشكالية التي نعيش فصولها هذه المدة، والتي ستزداد وطأتها في السنوات المقبلة، وذلك من طريق اتخاذ عدد من الخطوات الإجرائية، التي تسهم في تقنين عملية الحصول على شهادة عليا، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إيقاف التقديم لعدد من التخصصات، التي يوجد فيها فائض، ويكون ذلك من خلال قيام وزارة التخطيط بإعداد كشوفات، تحدد التخصصات التي تحتاجها الدولة، مع تقنين التخصصات الأخرى، فضلا عن السعي إلى تطوير القطاع الخاص، الذي يستوعب الخريجين، ويساعدهم في تكوين حياة كريمة، توازي الجهود التي بذلوها.