هل سيكون صيفنا بارداً؟

آراء 2022/06/22
...

 عباس الصباغ
 
وهي أمنية كانت تكررها وزارة الكهرباء دائما في موسم الربيع، حين تصل وتائر الانتاج والتوزيع إلى أرقام «عالية»، ولكن دون أن تتحقق بمجرد الولوج إلى الصيف القائظ، وعند التردي تتحجج الوزارة بالطقس وكثرة الاستهلاك وتذبذب الغاز الايراني، الذي تتعامل حكومته ضمن مبدأ الامن القومي وليس حسب العواطف، ولن تتحقق هذه الأمنية، الا إذا تجاوزت الوزارة منظومة التحديات الكثيرة والثقيلة التي تواجهها، فمنها ما يتعلق بالأمور الفنية والهندسية، ومنها ما يخص الأمور الامنية، ومنها ما يتعلق بالأمور السياسية وما يرتبط بالتجاذبات والمناكفات، التي يفتعلها الساسة وهي كثيرة في المشهد العراقي، والتي تؤثر بشكل مباشر على أداء الوزارة، ومنها ما يتعلق بالأمور المالية واللوجستية واسترجاع ثقة المواطن بهذه الوزارة وغيرها .
أمنيا يجب أن تتخذ السلطات الأمنية المختصة اجراءات استباقية ومهنية للحد من استهداف الخطوط والأبراج الناقلة للكهرباء الوطنية، والمستهدفة من قبل الارهاب وبخروق أمنية تطيح بتلك المنظومة وتعرّض التجهيز إلى شلل شبه تام وفي نصف درجة الغليان، وهذا أول تحدٍ، الذي لا يزال قائما، وتحد اخر يتمثل بالإنتاج والتوزيع لخطوط الكهرباء الوطنية وتوفير قطع الغيار والمحولات اللازمة للتوزيع، فضلا عن معالجة التجاوزات والخروقات المستمرة على شبكات التوزيع والتي تسبب هدرا كبيرا للطاقة والبعض لايمتلكون مقاييس للطلقة، والبعض يعدّ عدم دفعه الاجور ولمدد طويلة احتجاجا على تردي التجهيز خاصة في ايام القيظ ويقولون (اين هي الكهرباء؟ كي ندفع الاجور)، وتوعية المواطنين بضرورة ترشيد استهلاكهم للكهرباء، كي يستفيد الجميع منها فهذا واجب أخلاقي وشرعي. 
ويبقى التحدي الاكبر الذي يتمثل بالأمور المالية لأنه في كل سنة توجّه وزارة الكهرباء بضرورة تزويدها بالأموال المطلوبة، رغم ضعف الاداء وشح التوزيع وهو موضوع يدخل في الجدل المحتدم، حول الموازنة رغم تبخر الكثير من الترليونات المخصصة لذلك كل عام. 
في الحقيقة أن ملف الكهرباء شائك ومعقد ويكتنفه الكثير من الغموض، وهو من الملفات التي وقعت ضحية المحاصصة سيئة الصيت وايلاء الرجل غير المناسب في المكان المناسب، وهو ما أدى إلى تقهقر الخدمات عموما في البلد، بعد أن استشرى الفساد في اغلب مفاصل الدولة ما اضاع الكثير من فرص التقدم والازدهار عموما، ومن جملة ذلك تعثر ملف الاعتماد على شركة سيمنز الالمانية وتبخر مشاريعها ادراج الرياح، وهذا مجرد مثال من مئات الأمثلة على ضياع الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع المهم، الذي له تماس مباشر بجميع الفعاليات الاقتصادية، ومعيشة الناس ومن هذا المنطلق يجب أن يكون الصيف باردا كما كانت تعدنا وزارة الكهرباء، وقد اعتدنا أن نخرج كعراقيين من تلك الوعود بخفي حنين كل صيف قائظ وقد يكون هذا الصيف من ضمنها أيضا.