أشباح الملك فيصل الأول

آراء 2022/06/24
...

 نوزاد حسن
 
في آذار من عام 1935 اطلق الملك فيصل الاول أشباحه التي لم يستطع القضاء عليها, وغادر العالم وهو يتحسر على تجربته السياسية في العراق. ومنذ ذلك الوقت لم نستطع قتل شبح واحد, وكأن تاريخ السياسة عندنا ساكن جدا, ولا يتغير. وكل ما يتغير هو الأسماء والأمكنة والعناوين. 
بقيت اشباح الملك الراحل كما هي بل صارت أكثر قوة, ونمت لها مخالب لا تكسر. وباتت تهدد الأمن المجتمعي, وحياة الناس الذين يحلمون بأيام هادئة. 
في رسالته السياسية القصيرة التي نقلها ونشرها المؤرخ عبد الرزاق الحسني في كتابه تاريخ العراق السياسي الحديث حذرنا الملك فيصل من شبح الجهل, كما حذرنا من شبح الميول, وحذرنا ايضا من شبح السلاح المنتشر بين الناس. وذكر الملك الراحل أن الناس في وقته يملكون مئة ألف بندقية في أن حكومة المملكة كما كانت تسمى آنذاك تملك 15 ألف بندقية. 
هناك أشباح أخرى تحدث عنها الملك في رسالته التي أعدّها من أجمل وأهم الرسائل السياسية في تاريخ العراق المعاصر. ونظرا لحساسية ما أشار اليه الملك فيصل الاول، فإني لن أتطرق إلى ذكر الأشباح الاخرى, وقد يتفاجأ القارئ من صراحة وجهة نظر ملك أحس في لحظة من لحظات حياته السياسية أنه يواجه مجتمعا معقدا وصعب 
المراس. 
أنا أتساءل: هل قضينا على الجهل. الآن تسعى حكومة الكاظمي في بناء ألف مدرسة. وتشير احصائيات إلى نسب خطيرة في أعداد الأمية بين الأطفال, ناهيك عن المستوى العلمي للطلبة. .بقي شبح الجهل ولم تقضِ عليه حكومة من الحكومات.
هناك شبح الميول والانتماء الذي يضع المصلحة قبل أية مصلحة اخرى. ولعل المحاصصة هي الاسم الأكثر حداثة لما تحدثت عنه رسالة الملك. الميل الذي يكون مجرد خضوع لمصلحة شخصية بعيدا عن مصالح الناس في
 الوطن.
ثم هناك شبج السلاح المنفلت، الذي يهدد الأمن بصورة يومية. وقد تعقدت مسألة حصر هذا السلاح بيد الدولة. وبمرور الوقت تصبح فرص جمع هذه الترسانة الموزعة في كل مكان صعبا. يبدو أن البيوت صارت مشاجب تحوي مختلف الاسلحة التي يراها الأطفال، وقد يلعبون بها ظنا منهم أنها هدايا للكبار, وأنهم سيحصلون عليها بعد أن يبلغوا سن الرشد.