رئيس وزراء يا.. محسنين

آراء 2022/06/26
...

  حمزة مصطفى
مثل كل العالم الديمقراطي يخرج الناس في العراق كل أربع سنوات إلى الانتخابات. الشعارات المرفوعة على قارعات الطرق وأحلام الزعماء هي التغيير والإصلاح.
 
وأضيفت لها هذه الأيام الخدمة. في كل العالم الديمقراطي لا أحد يخرج من أجل الإصلاح أو التغيير أو الخدمة. لماذا؟ لأنها تحصيل حاصل أولا، ولأنه ليس من ضمن متبنيات الديمقراطية التذكير بالبدهيات. فالحكومات في العالم الديمقراطي هي أصلا حكومات إصلاح وتغيير وقبلها بل وقبل كل حكومات خدمة. الشعوب المقهورة تثور في سبيل التغيير والإصلاح وتقديم الخدمات من دون "قارش وارش" مفاهيمي أو مفاهيم "مفلفة" وأحيانا ملفقة. 
الديمقراطية عبارة عن صندوق توضع فيه ورقة تمثل قناعة المواطن. وقناعات المواطن مثل مفاهيمه معروفة بلا لف ولا دوران. المواطن يريد دولة عادلة. لا يهمه أن تكون فيدرالية أم مركزية. ويريد حكومة تلبي مطاليبه في العيش الكريم ضمن حدود هذه الدولة، ولا يهمه مواصفات من يحكم هذه  الدولة أو يتولى أمر هذه  الحكومة. لا يهمه أن يكون طويلا أو قصيرا، نحيفا أم سمينا، عيونه خضر أم سود. كثيف الشعر أم أصلع. الكتل السياسية لا المواطن هي من تضع المواصفات، لا المواطن الباحث عن الإصلاح والتغيير والخدمات، من دون تنظير وبيانات ومبادرات. المواصفات التي تضعها الكتل لرئيس الوزراء تشبه تماما من لديه "دكمة"، يحاول أن يرهم لها "بدلة". الأحزاب السياسية التي تخوض الإنتخابات لديها أصلا زعامات وقيادات هي من ترشحها لتأليف الحكومة لوحدها في حال حققت الأغلبية أو بائتلاف مع أحزاب أخرى.
نحن في العراق وفي ظل تزاحم المفاهيم، بما فيها الأغلبية والتوافقية والخدمية وسواها من المفاهيم والشعارات، نخوض الانتخابات من أجل الانتخابات. بعد ظهور النتائج نخوض جولة من الاختلافات والخلافات، بحثا عن رئيس وزراء يجب أن يرضى عنه الجميع، ولا يرضى عنه الجميع في الوقت نفسه. تتحول مهمة البحث عن رئيس وزراء إلى عقدة في كل مناشير العملية السياسية. ففي العراق لا يستطيع الفائز الأول من تشكيل حكومة واختيار الرئيس والكابينة. وفي العراق لا تستطيع 20 كتلة من تشكيل حكومة، طالما أن كتلة من نائب واحد أو نائبين غير راض عنه. فالخواطر عندنا هي الحاكمة في الغالب والفواعل كذلك. ليس أمامنا حيال هذا الوضع، سوى أن نرفع أكفنا الى السماء، ضاربين عرض الحائط كل شعاراتنا الخلابة لنختزلها بنداء واحد فقط.. رئيس وزراء يا 
محسنين.