يانصيب السلطة

آراء 2022/06/28
...

  ساطع راجي
طريقة طرح أو تسريب اسماء المرشحين لتولي المنصب السيادي والتنفيذي الأول في البلاد تشبه بعض ألعاب اليانصيب، مثل سحب كرة من كدس كرات في سلة كبيرة، ليكون الرقم القادم عشوائياً هو الرقم الرابح.
 
وحتى لو قيل إن هذا هو الظاهر فقط وما يحدث فعلا مختلف تماما عما يظهر، ففي كل الأحوال سيكون المواطن امام لعبة يانصيب، واذا كان الواقع مختلفاً، فهذا يعني أن المواطن أيضا أمام لعبة يا نصيب لكنها مزورة.
خلال عدة سنوات، كان رؤساء الحكومات يتوجون فجأة، وبلا محددات او شروط لذلك صار طبيعيا أن يجد عشرات الاشخاص أنفسهم مؤهلين للترشح لهذا المنصب، ويتصرفون على هذا الاساس، وبلغت العشوائية في الترشيح أنَّ بضعة أسماء تطرح في كل مرة نكون فيها أمام استحقاق تشكيل الحكومة، وبعض الأسماء يصعب على وسائل الإعلام الحصول على صورة لصاحبها تنشر مع خبر ترشيحه المسرب أو التثبت من اسمه الثلاثي.
إن إتهام الدستور والنظام البرلماني بالمسؤولية عن انتاج لعبة اليانصيب التي تحكمنا، ليس اتهاما واقعيا، إذ توجد الكثير من النظم البرلمانية التي تعلن فيها الاحزاب الكبيرة قبل الانتخابات المرشحين المتوقعين لرئاسة الحكومة، ويكون الناخب أمام معادلة واضحة تكشف عن مدى واقعية الوعود الانتخابية، وقدرة المرشح للمنصب الأول على 
طبيقها.
لعبة اليانصيب تنتج دائما حكومات مرتبكة وغير منسجمة، ويتنافس اعضاؤها في ما بينهم ويتحاسدون وتنهشهم الغيرة من بعضهم البعض ومن رئيسهم، حكومات بلا خطط ولا تعرف ما تريد، تنتج ردود أفعال فقط، لأن جميع عناصرها التقت بضربة حظ، فما يصح على اختيار الرئيس يصح على اختيار الوزراء، وعليه فإن ما يطرح من برامج وخطط لا تزيد عن إسقاط لفروض كريهة يسخر منها 
الجميع.
لقد سمعنا قصصا مضحكة ومثيرة للغضب أحيانا عن ترشيح رؤساء الحكومات والوزراء، وكانت بعضها مفتعلة، وتمَّ تسريبها عن قصد من قبل الوزراء أنفسهم، وكان الأجدى بالقوى السياسية التي ينتمون إليها معاقبتهم على فضحها، واتهامها ببيع حصتها من المناصب لعابري سبيل وأفاقين إذا كانوا 
كاذبين.
قادة "المكونات" تعجبهم لعبة اليانصيب هذه، لأنهم يمسكون بخيوطها، من دون التزامات محددة ويجنون منها غنائم كبيرة، فهم يطرحون ما يشاؤون من وعود، من دون تشخيص من سينفذ هذه الوعود واذا ما كان يمتلك الكفاءة والارادة لتنفيذها، رغم أن هذه هي معادلة الديمقراطية الواضحة، فمقابل الوعود الجميلة، يجب ان تطرح شخصيات تتحمل مسؤوليتها.
من يأتي باليانصيب يخرج باليانصيب أيضا، ولذلك لا مبرر للعمل ما دام كل شيء يحدث بضربة حظ، لكنها كانت دائما ضربة سيئة وموجعة 
للمواطنين.