إعصار التضخم قادم

آراء 2022/06/28
...

  د بشار قدوري
 أميركا وبنوكها على موعد مع أزمة مالية كبيرة، قابلة أن تكون سحباً رعدية تتوزع بين باقي الدول المرتبطة مع الاقتصاد والخزنة الأميركية، وأهمها منطقة الدولار الممتدة من أميركا إلى أوروبا وقوفا على أعتاب أبواب أوراسيا. العراق مرتبط ارتباطا وثيقا مع الخزنة الأميركية لأسباب منها نفطية وسياسية.
 
إنَّ السياسات المالية المتحفظة مع الظروف الحالية ستكون ناجحة مع التخزين والتقنين لقطاعات الإنفاق العام فخسارة لسنة واحدة، تقلل من خسارة سنوات متكررة القادمة. 
التحفظ له سلبياته لكن مع الظروف الصعبة تكون حركات الاقتصاد المتحفظة إيجابية وأكثر أمانا من السياسات المفتوحة. ندعو إلى غلط الإنفاق العام والتمسك بسياسة مالية متحفظة من دون موازنة استثمارية متنوعة.
لكون الاقتصاد النقدي العالمي على وشك إعصار أسود قادم، ولا ينفع معه إلا الاختباء والانغلاق وجمع السيولة من الموازنات والقوانين، أهمها قانون الأمن الغذائي، لكونه سحب 20 مليارا فائضا من الخزنة، فلا جدوى أمام الإعصار القادم الا جمع الخزائن وغلقها وتكوين حائط صد أمام الذي سيحصل عالميا من انهيار البنوك في أميركا وأوروبا، بسبب التضخم الحاصل نتيجة طبع العملة الأميركية من دون غطاء. 
إنَّ اقتصاد دولة العراق هش جدا بسبب عدم تنوع الاقتصاد، بسبب اعتمادنا على النفط فقط ودون استثمار أموال ايرادات النفط بشكل صحيح. 
وهناك عدد من الإجراءات الاحترازية التي تعزز الاقتصاد الوطني:
1 - جمع السيولة الحاصلة في وعاء استثماري لعدد محدود من المشاريع فقط، مثل ميناء الفاو ومحطات طاقة ومصافي نفط والغاز، ومراجعة جولات التراخيص الجديدة، وفق قانون جديد مع فتح آبار جديدة باتفاقيات جديدة في الغرب والشمال. 
2 - قطع الطريق على الملفات التي تنزف الموازنة كل سنة مثل ملف الطاقة والكهرباء وملف القطاع الخاص والكتلة النقدية لرواتب الموظفين، والانفتاح على اقتصاد السوق وتنمية القطاع الخاص من خلال مشاريع ستراتيجية إقليمية. 
3 - تعزيز العملة الوطنية والحفاظ على سياسة نقدية مستقرة من خلال الاستثمار بشراء وتخزين الذهب من السوق العالمية وتخزينها داخل العراق أو في روسيا وإيطاليا.
نطرح سؤالاً حول الفائض المالي الذي حصل، ماذا بعد العشرين مليار دولار؟
 يعد قانون الأمن الغذائي تراجعا استثماريا ونكسة نقدية. فإنه من ناحية الأسم فهو براق ويدغدغ مشاعر الفقراء والطبقات الهشة. لكن فيه مستوعبات خطرة تُجيّر لوجوه فساد، مثل بعض مقاولات التعمير ومناقصات الصيانة ومزايدات التبليط والأرصفة الجانبية والمجسرات، وبعض هذه المقاولات خارج معايير الإيزو والجودة وتتحمل تكاليف باهظة والتجارب كثيرة، وكذلك إضافة مستهلكات تزيد التضخم الحاصل في التوظيف وزيادة البطالة المقنعة من محاضرين وشهادات عليا، فلو وزعنا الفائض من باقي الوزارات لسد النقص في المدرسين من محاضرين مجانيين، وكذلك زيادة بالمقاولين الفضائيين والمشاريع الوهمية ووضع أرقام فلكية لتلك المشاريع. 
إن البلد يحتاج إلى مشاريع استثمارية ذات طابع ستراتيجي مثل ميناء الفاو الكبير ومصفى نفطي لكل ثلاث محافظات، وشبكة من الطرق الدولية السريعة ونظام سكك حديد دولي، حيث تكون هذه المشاريع كفيله في تعيين جيوش البطالة والشباب وتنمية وانعاش القطاع الخاص وتعاظم الثروة الوطنية، ودعم الناتج المحلي للفرد، أفضل من قانون الأمن الغذائي. 
إنَّ شراء كميات كبيرة من الذهب من البورصات العالمية ودعم العملة الوطنية والحفاظ على مخزون كافٍ لتقوية الاقتصاد الوطني من خلال البنك المركزي العراقي. 
ونصيحتي للسيد محافظ البنك المركزي العراقي. بالتصرف بالفائض المالي الذي تحقق نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وأن تكون وجوه الصرف على المشاريع الستراتيجية أو شراء الذهب، أفضل من صرفها على الفتات من المشاريع التقليدية والترقيعية في قانون الطارئة.