عبد الحليم الرهيمي
بشكل لافت ومثير للانتباه بقوة، تصاعدت خلال الايام الماضية الدعوات، التي ترفع شعار (المجرب لا يجرب)، وهو اختصار لـ (المجربون لا يجربون)، لأن الفاشلين والفاسدين من الذين تصدروا المشهد السياسي والسلطة ليسوا واحداً.
وهذه الدعوات التي يمكن اعتبارها صرخة مدوية، أطلقها مواطنون عراقيون في معظم محافظات ومناطق العراق، يحظون برضا الاغلبية العظمى من المواطنين، انما انطلقت بعد أن تسربت أنباء كثيرة ومشاهد عملية لسياسيين يلهثون وراء الحصول على مناصب عليا في سلطات الدولة، خاصة التنفيذية وأكثرهم عرفوا بالفشل والفساد، كما اعترف معظمهم بلسانه او اتهم زملاء له بالفساد.
وفي حمأة الصراع والتنافس الحاد بين الجماعات السياسية، التي انفردت بتسيد المشهد بعد انسحاب كتلة الثلاثة والسبعين عضواً برلمانياً من الكتلة الصدرية، برز (المجربون) في الواجهة بعد افتقاد غطاء العملية السياسية او وجود كتل سياسية اخرى تضفى قدراً غير قليل على (مشروعية) ووجود أولئك (المجربون)، الذين تتصاعد الدعوات ضدهم كي لا يجربوا ثانية، لأنهم جربوا على مدى سنوات.
لقد أطلقت مرجعية السيد السيستاني في النجف من خلال إحدى خطب يوم الجمعة، لأحد ممثليها قبل سنوات الحكمة القائلة إن (المجرب لا يجرب)، وذلك عند طرح (السيناريو) المطروح ذاته الآن، وهو إعادة تسلم الفاشلين والفاسدين المناصب العليا بالدولة في لحظة المساعي لتشكيل الحكومات بعد انتهاء الدورات الانتخابية.
هذه الحكمة التي اطلقتها المرجعية الدينية آنذاك تلقفها ملايين العراقيين، الذين كانوا يرفضون علناً او في سريرتهم أنه ينبغي وضع حد لتصدر الفاشلين والفاسدين المناصب العليا والوسطية في الدولة، بعد أن اثبتت التجربة فشلهم وعجزهم
وفسادهم.
إذا لم يصغ (المجربون) ولم يأخذوا بتلك الحكمة – الدعوة للمرجعية واستمروا بتصدر المشهد السياسي والحكومة، فإن تلك الدعوة – الحكمة التي ترسخت منذ ذلك الوقت في وعي وضمير العراقيين ووجدانهم، فإن الدعوات الان بالشكل اللافت والواسع إنما تعبر عن إحياء وإنعاش هذه الحكمة مجدداً وبقوة، في وقت افتضاح حقيقة فشل وفساد غالبية (المجربين) أكثر وأوضح بكثير من افتضاحهم، عندما دعت المرجعية إلى أن (المجرب لا يجرب) قبل سنوات، وبالطبع فأن هذه الدعوات ستحقق هدفها هذه المرة، كما يعتقد
كثيرون.