الفساد المجتمعي

آراء 2022/07/02
...

 محمد صادق جراد 
 
ما زالت ظاهرة الفساد سبباً في تخلف الأمم، وسبباً في تدمير أحلام أبنائها وشبابها وهو العقبة المهمة والرئيسة امام تحقيق التنمية والإصلاح. وبالرغم من إعلان جميع الحكومات وقوفها ضد الفساد وتضمين ذلك كفقرة أساسية في برامجها الانتخابية، إلا أن مكافحة الفساد ليس قرارا او بندا يكتب في دستور او برنامج انتخابي، انما هو منظومة وبرامج إصلاحية متكاملة في الهيكلة الادارية والاجتماعية والتعليمية .
وعندما نتكلم عن الفساد فلا بدَّ من الإشارة إلى أن للفساد أوجهاً كثيرة، فبالإضافة إلى فساد الأنظمة والحكومات، فهناك الفساد المجتمعي وهو انتشار مفاهيم خاطئة بين شرائح المجتمع كافة، لا سيما شريحة الموظفين وأصحاب المناصب العليا، كالرشوة والمحسوبية والواسطة والمحاباة وتغليب العلاقات الشخصية على المعايير والالتزامات المؤسساتية والوطنية. ولو أردنا أن نكون أكثر صراحة، فعلينا القول بأن الفساد المجتمعي مستشرٍ في العراق بصورة كبيرة، فلا تكاد تمر أزمة (كهرباء، ماء، بنزين، ارتفاع أسعار) إلا وقد استثمرها الفاسدون من ابناء المجتمع لتحقيق مآربهم الشخصية، وهذا ناتج عن انتشار مفاهيم حب الذات وتغليب المصالح الشخصية والفئوية على المصلحة العامة. ومن جانب آخر نتابع فساد المجتمع، من خلال تصرفات يقوم بها المواطن البسيط، فنجده قد أصبح غير مهتمٍ بمصلحة مدينته وجيرانه وأهله فيقوم بوضع اليد على ممتلكات الغير وبناء العشوائيات، بينما يقوم البعض برمي النفايات والأنقاض امام المنزل وفي الشارع في ظل غياب المراقبة الحكومية، وعدم تفعيل القوانين الرادعة للمخالفين، والذين يتسببون في أضرار كبيرة للدولة وللمجتمع. وعندما نتكلم عن أهم أسباب الفساد المجتمعي، فنجد أن أهمها هو ضعف التربية والتوجيه من الاسرة والمجتمع، علاوة على غياب الإعلام الموجه وضعف الوعي وغياب الوازع الديني، وانتشار الأخلاق الفاسدة على حساب أخلاق ومفاهيم حب الوطن والتعاون ومحاسبة الضمير. ومن جانب آخر، فإن هناك أسبابا اقتصادية وهي ضعف الوضع المالي وانتشار البطالة وغياب الاهتمام الحكومي بالشباب، وأسباب أخرى كثيرة، لا يمكن أن تكون عذرا أو ذريعة لممارسة الفساد والمشاركة في جريمة هدم احلام الناس في تحقيق التنمية 
المطلوبة.
ختاما نقول إننا بحاجة إلى ستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، تتضمن خطوات اصلاحية مع توعية مجتمعية وتفعيل الرقابة الحكومية، وتطبيق القوانين الرادعة للفاسدين كما هو موجود في دول العالم.