هيئة الرأي

آراء 2022/07/02
...

 حسب الله يحيى 
 
بين مدة ولأخرى تعلن هذه الوزارة او تلك اجتماعا لـ(هيئة الرأي)، وهي هيئة تتكون من ملاكات الوزارة نفسها، مع اضافة شخصية أو شخصيتين من خارج الملاك، معروفة بولائها لما تقدمه وتعرضه (هيئة الرأي) الأساسية في الوزارة.
وواقع الأمر أن هذه الهيئة تعجز عن تطوير عملها بوصفها هيئة تعمل على وفق تصورها المحدود، والذي تعرضه أمام الهيئة، ومن ثم تتبادل الآراء، في ما يخدم مصالح وتوافق جميع زملاء العمل في الوزارة، ذلك أن أيَّ عضوٍ من أعضائها، لا يريد أن يكدر خاطر رأي زميله الآخر، الذي يحتاجه في هذه القضية او تلك، وبالتالي لا يمكن أن يتعارض رأيه معه .
إلى جانب ذلك لا يمكن لهذه الهيئة أن تعطي ما ليس عندها، فالمرء بما يمتلك من رأي ووعي وتجربة فقيرة يعمل على تسويقها في هذه الدائرة او سواهاز ما يجعل الفشل يرافقها في كل ميادين عملها .
في حين يفترض أن تكون (هيئة الرأي) مكونة من خبرات، صاحبة رؤى وافكار وخارطة، يمكن أن ترسم واقع وآفاق عمل كل مديرية من مديريات هذه الوزارة أو  تلك .
إن منطق الأشياء يقول: إنه لا رأي لمن استنفد رأيه في ادارة ما ، فهي دالة عليه ، ومسارها دال على طبيعة الخطوات التي سارت على وفقها ، وبالتالي ليس بمقدورها انتاج او اتخاذ سبيل لا تعرفه ولا تتقنه ولا تفكر فيه أصلا، فكيف يمكن لنا الإصغاء إلى رأي من لا يملك رأيا بالأصل؟
إن من يملك رأيا؛ يمتلك رؤية إضافية وجديدة ناتجة عن زخم العمل وتجربة البناء، التي أنيطت به من قبل، فالنجاح يؤسس لما بعده، والفشل يؤسس لما قبله، وما بين القبل والبعد؛ وعي يرسم خارطة المستقبل بجدارة وانتباه وحرص ومسؤولية.
لذلك يحسن بالوزارات كافة ألا تكتفي بالإصغاء لأصداء أصوات العاملين فيها فقط، فهي أصوات فاشلة ومستهلكة، ولا تملك ما تقدمه للحاضر والمستقبل، لأنها بلا ماضٍ ولا حاضر ولا مستقبل.
والدليل على ذلك فشلها المتراكم وثقل وجودها المتكرر ومسؤوليتها، التي لا قدرة لها على احتمالها او ادارتها بشكل صحيح .
من هنا نرى أن الاتجاه السليم والبناء يكمن في الاتجاه نحو تلك العناصر الكفء، التي تملك القدرة العلمية والمعرفية، التي يمكن أن تنتج مساراً جديداً وفاعلاً في ادارة العمل في هذه المؤسسات والدوائر المناط بها العمل الفاعل والمنتج.
إن الإبقاء على واقع مثقل بالأخطاء، التي يتكرر فيها الرأي الصدئ والانتاج الكسول والعمل المثقل بالمشكلات، ليس من شأنه أن يحقق مستقبلاً منشوداً لعمل متطور وفعل جديد وآفاق رحبة للعمل، الذي يراد به أن يقطع شوطا من النجاح، بحيث يتجاوز كل الاخفاقات السابقة. إنه إبقاء وترسيخ للفشل !
نعم الرأي السديد لا تنتجه عقليات محنطة وكسولة، وانما تنتجه عقول نيرة، لها القدرة على تجاوز العقبات والأخطاء المتراكمة، آراء سديدة لمستقبل منشود يكلل بالنجاح المطرد .
ومثل هذا التوجه ليس من الصعب تحقيقه على من يريد لعمله أن يحالفه قطاف الثمار الجيدة.