علي لفتة سعيد
تصوير: خضير العتابي
منذ عام 2003 وشوارع العراق بدأت تكتظ بأنواع جديدة وحديثة من المركبات، التي سببت اختناقا مروريا وحوادث لا تحصى، ولأن الشوارع هي ذاتها بل أكثرها تعرض إلى الإهمال والتصدعات، التي أسهمت بزيادة عدد الحوادث، إلا أن الأغرب هي عمليات الاستيراد غير المدروسة ودخول أنواع عديدة من المركبات ثلاثية العجلات التي يطلق عليها (التك تك)، التي أحدثت مشكلات عدة في أغلب المدن، ومنها كربلاء التي زادت فيها الحوادث بحسب الدوائر المرورية، إلى أكثر من 10 آلاف حادث خلال الأشهر الخمسة من العام الحالي. وهو ما دعا نقابة الصحفيين في المحافظة إلى تبني موضوع وضع حد لهذه الظاهرة، تلبية لشكاوى المواطنين الذي يقولون إنها لا تتناسب مع مدينة دينية يزورها أكثر من 50 مليون زائر، بينهم أكثر من خمسة ملايين عربي وأجنبي.
مواطنون
يقول المواطن أحمد حسين، إن "هذه المركبات تسببت بالازدحامات في الشوارع، نعم هي والدراجات النارية التي تسبب بالكثير من الحوادث". ويبين أنه في إشارات المرور أو التقاطعات أو الشوارع الضيقة لا يمكن لصاحب المركبة التحرّك باتجاه سليم، لأن أصحاب هذه المركبات أوّلا لا يلتزمون بأنظمة السير، ويسيرون عكس الاتجاه ولا أحد يحاسبهم. ولفت إلى إن المدينة مختنقة، حتى يخيّل لي إن شوارعنا عبارة عن (تكاتك) غير نظامية وأصحابها ليسوا سواقاً. معتبرا ما يقوم به اصحاب (التكاتك) أمراً غير اخلاقي من خلال ما يقومون به من حركات ورفع صوت التسجيلات والتسابق والاختناقات.
لكن فاضل الأعرجي وهو صاحب عجلة (تك تك) يقول إن البطالة مؤذية ولدينا أسر، وهذه الـ(تك تك) هي فرصة لتوفير لقمة لعيش إلى أطفالنا. وأضاف نعم الأعداد كبيرة وهناك من يسيء استخدامها، ولكن هذا لا يدعو إلى محاربتنا بالرزق. ويشير الى أن هذه التك تك ساهمت بشكل فعّال في تقليل مبالغ أجرة سيارات الأجرة، وتفضلها الأسر، لأنها تصل إلى أي مكان، سواء كانت الشوارع معبدة أو ترابية. ولفت إلى أن الأعداد الكبيرة سببها البطالة فلا تحاربونا. وعليكم بمعاقبة المسيء بحسب قوله.
الصحافة وتلبية النداء
أمام ازدحام الشوارع بهذه الآلات تبنّت نقابة الصحفيين في المحافظة تلبية شكاوى المواطنين في إيجاد الحلول. ويقول رئيس فرع النقابة الإعلامي حسين الشمري: إنه وردتنا الكثير من الشكاوى حول وجود فوضى عارمة تسببها الدراجات النارية وعجلة التك تك، وهي تتحرّك في الشوارع بدون أيّ ضوابط قانونية. ويشير إلى أنها لا تحمل أرقاما وليس لدى اصحابها إجازات سوق أو سنوية الحيازة والقيادة، وليست فيها أية إجراءات للسلامة من خوذة حفظ الرأس وغيرها. وأشار إلى أن النقابة أطلقت حملة لمعالجة هذه المشكلة، التي سببت الكثير من الحوادث وطلبنا من زملائنا عمل تقارير واستضافات للمسؤولين للحديث عن هذا الموضوع. ولفت إلى أن هناك كانت ردّة فعل لدى الجهات الحكومية المعنية وبدأت حملات كبيرة شهدتها المحافظة، لكنه يستدرك أن الأمر بحاجة إلى متابعة يومية من قبل وزارة الداخلية وأجهزتها في مديرية المرور.
المرور ومقترحات نائمة
بدوره يقول مدير شعبة العلاقات والإعلام في مديريّة مرور كربلاء الرائد الحقوقي رياض عبيس الحمداني: إن الأمر ليس اجتهادا من قبل المديرية أو أن لها القوة والسلطة لمعالجة الأمر، بل هو أمر مرهون بالقوانين النافذة. وأضاف إن الاستيراد المفتوح هو الذي أثر في الازدحام في الشوارع في كلّ ما هو مستورد من مركبات بمختلف أنواعها. وأشار أن لا احصائية دقيقة بعدد عجلات ( التك تك) في المحافظة، لأن لا إجازة سوق لحائزها، وبالتأكيد فهي بعشرات الآلاف. ولفت الى أن هذه الأعداد تسببت بوقوع حوادث مرورية عديدة، راح ضحيتها العشرات، وبحسب مسؤول في طوارئ مستشفى واحد في كربلاء، فإن عدد الحوادث العام الماضي بلغ ثلاثة آلاف حادث وبالتأكيد تسببت بوفاة وجرح وإصابة العشرات من المواطنين. ويعزو الحمداني انتشار هذه الظاهرة إلى أن حائزيها هم من الطبقة الفقيرة، التي تبحث عن فرصة عمل وبالتالي إن الحل يكمن بمنع استيرادها لمدة خمس سنوات، مع تخفيض الرسوم لجميع الدراجات، من أجل أن تتم السيطرة على أعدادها، وايضا إصدار قرارات لتطبيق الاجراءات القانونية مثلما تطبق على أصحاب السيارات.
لافتا إلى أن هذا المقترح تم رفعه إلى الجهات المسؤولة منذ سنوات، لكن لا حل حتى الآن. وعن معاناة رجال المرور مع هذه الأعداد يقول الحمداني. إنها كثيرة، منها ما يتعرّض له رجل المرور من اعتداءات من قبل بعض أصحاب الدراجات، وايضا عدم وجود موارد بشرية كافية لتأمين حركة السير والمرور وتدقيق المركبات، وقلّة في التخصيصات المالية لإدامة الدوريات، وعدم رفد المديرية بالآليات، وعدم وجود تعيين للمنتسبين بأعمار الشباب، وما يوجد هم منتسبون وخدمة أغلبهم تفوق ٤٠ عاما وهذا يقلل من الأداء.
حلولٌ برلمانيَّة
الحكومة المحلية وعلى لسان النائب الاول لمحافظ كربلاء جاسم الفتلاوي حمل جهات متعددة في البلاد مسؤولية الفوضى المرورية الحاصلة في الشوارع العامة بالمحافظة وفي عموم البلاد. معتبرا الوضع في المدينة والعراق خرج عن حدّه المقبول، خاصة في الفوضى المرورية، وأشار إلى أن الأمر لا يمكن لحكومة محلية أن تحدّ منها، فالجميع يتحجّج بالرزق وهو أمر صحيح لكن لابد من وجود ناظم قانوني. وبيّن شوارع كربلاء لم تعد تتحمّل كل هذا الاستيراد العشوائي، ولأنها مدينة جاذبة على عكس المحافظات الأخرى، فإنها تعاني من دخول الآلاف يوميا لغرض العمل. وطالب الفتلاوي مجلس النواب بضرورة إصدار تشريعات وقوانين خاصة، تحد من الفوضى المرورية الحاصلة في البلاد، كون مجالس المحافظات متوقّفة، واستدرك إن الحكومة المحلية في كربلاء ستتخذ إجراءات مهمة، لكنها تكون غير فعالة بغياب التشريع القانوني.