استقالات بريطانيَّة

آراء 2022/07/16
...

 علي حسن الفواز
 
البريطانيون يبحثون عن حلولٍ واقعيَّة لأزماتهم، وحزب المحافظين الحاكم يضع هذه الواقعيَّة أمام معطياتٍ صعبة، وهو ما يعني إتاحة المجال للتخلي عن السلطة، وإيجاد رأسٍ آخر للحكومة بديلاً عن بوريس جونسن، وعن سياساته 
الراديكاليَّة.
آخر مظاهر هذه الاستقالات هو استقالة جونسن ذاته، على وقع استقالات شبه جماعيَّة لوزرائه، والتي تعكس مدى السخط السياسي، والرغبة في التغيير، وفي إعادة بريطانيا التي تكرستْ صورتها بعد معاهدة «بريكست» الى هويتها الخاصَّة، البعيدة عن عقد الأوروبيين، وصراعاتهم وأزماتهم مع السوق واليورو 
والمهاجرين.
سقوط حكومة، وضعف حزب المحافظين عكس طبيعة المشكلات التي يعاني منها البريطانيون، وسوء الإدارة التي ظلّ المحافظون أكثر تورطاً فيها، والتي تحولت الى تحدياتٍ ضاغطة، بعضها يتعلّق بالداخل البريطاني، وبتصاعد أزمات الضرائب والبطالة والتضخم الاقتصادي، وبعضها الآخر يتعلّق بأزمة الدور البريطاني في الحرب الأوكرانيَّة الروسيَّة، والتي انعكست تداعياتها الاقتصاديَّة على كثيرٍ من الشرائح الاجتماعية الفقيرة، فضلاً عما يتعلّق بالسياسات التي اتبعها المحافظون، والتي تسببت بزيادة معدلات الفقر، مقابل المعالجات الضعيفة، والتي تفتقر الى وجود الستراتيجيات الداعمة للنظام الاقتصادي والنظام الصحي.
البحث عن رئيسٍ جديدٍ للوزراء لحين الانتخابات المقبلة، أو الدعوة لانتخابات مبكرة سيضع الواقع السياسي أمام صراعاتٍ صعبة، وأمام فرضياتٍ متعددة لمواجهة استحقاقات الضغط السياسي والاقتصادي والضرائبي، وللعمل على مواجهة الأزمة الأخلاقيَّة التي يعاني منها حزب المحافظين، جرّاء سمعة بعض وزرائه، فضلاً عن سياساته التقشفيَّة، وضعف إدارته للملف الضريبي، والسيطرة على التضخم، وهو ما أشار إليه وزير الصحة المستقيل ساجت جاويد، بأنَّه من الصعب اتباع سياسة معياريَّة في مواجهة الواقع
الصعب.
الواقعيَّة السياسيَّة يمكن أنْ تكونَ خطاباً للحل المفتوح على خيارات السياسة والاقتصاد، لكنها ستكون أكثر حاجة لما هو تمثيلي في تأمين حيازة سياسة عقلانيَّة، تقوم على إجراءات قد تبدو صعبة، لكنها ستظل محفوفة بمخاطر كبيرة، وقد تفتح شهيَّة حزب العمال المعارض لأنْ يضع مقترحات حلوله على طاولة مجلس العموم البريطاني.