متفائلون رغم الحراك السياسي المتعثر

آراء 2022/07/16
...

  ماهر عبد جودة
 
ليس الذي يجري حاليا، من حراك سياسي على الساحة العراقية، قد مر مثيله من قبل، أو تعارف عليه الشعب العراقي، عندما قدّم نواب الكتلة الصدرية استقالتهم من مجلس النواب، وهم الفائزون الأكبر عددا. إذ تحالف التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وكتلة سيادة التي تضم جماعة الحلبوسي والخنجر، وسمي هذا التحالف بإنقاذ وطن، الذي كان بجعبته مشروع وطني متكامل، وتشكيل حكومة أغلبية وطنيه، تتولى مسؤولية التصدي لإدارة الدوله، وجعلت أولى أولوياتها، عدم اللجوء إلى أسلوب التوافق والمحاصصة، ومحاربة الفساد والفاسدين، وفرض سلطة القانون وهيبة الدولة وحصر السلاح بيدها، وأن يأخذ الطرف الآخر الخاسر في الانتخابات دور المعارضة الشريفة البناءة المراقبة والمقوّمة لأداء الحكومة ومجمل فعالياتها. 
لم يفلح تحالف إنقاذ وطن في تشكيل الحكومة، رغم مفاوضاته التي أجراها مع جميع الكتل السياسية، الإطار التنسيقي، المستقلون، والاتحاد الوطني الكردستاني، للحصول على العدد الكافي لتمرير رئاسة الجمهورية والوزراء، فحدث انسداد تام للحياة السياسية في البلد، قد تكون تدعياته خطيرة وسيئة وليست في الحسبان، وخارج التوقعات، ولهذا ارتأت الكتلة الصدرية الاستقالة وفسح المجال للآخرين، في تشكيل الحكومة والتصدي للمرحلة المقبله، وما قام به التيار الصدري كان تضحية حقيقية وموقفا وطنيا صادقا وأصيلا، وهو أيضا خطوة أولى موفقه، في احداث اختراق كبير لثقافة المحاصصة والتكتل على أسس طائفية وعرقية، التي عشعشت في ذهن المواطن العراقي طوال العقدين الماضيين، وهذا الاختراق سيكبر ويتسع في قادم الزمن، ليسهم فعلا في بناء الدولة والثقافة الوطنية الجامعة
 للكل.
ما تقدم هو بداية المشهد السياسي، والذي لم يسفر عن مخرجات طيبة، وأنا على يقين تام إن الشعب العراقي يفهم دوافعه واسبابه وكل العوامل المحيطة به والمؤدية إليه، لكننا نقول إن تلك صفحة وتم طيها، وإننا لم نفقد الأمل نهائيا، وما زلنا نتفاءل أن يتدارك ساستنا المرحلة وخطورتها، وطبيعة الصراعات العالمية والاقليمية، ومجمل المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه، ويسارعوا في التوصل إلى نتائج ايجابية، تسهم في تشكيل حكومة تنهض بمهامها الوطنية بشكل يرضي ولو بالحد الآدنى مطالب العراقيين وطموحاتهم المشروعة، وإنقاذ العراق من الكثير من النكسات، وأن تكون السلطة التشريعية والقضائية مسانداً قوياً وظهيراً صلباً للسلطة التنفيذية في محاربة الفساد والمفسدين وبسط الأمن ومحاربة المجاميع المتطرفة، وتقديم أفضل الخدمات لعموم الشعب، والاهتمام بحقوق الانسان والحريات
 العامة. 
ليكن ما حدث وما مرَّ درسا واتعاظا وتجربة نافعة لنا جميعا، ساسة ونخبا وطنية وأناسا بسطاء، بأن نغتني تماما من هذا الدرس، وألا يصبح هاجس السلطة والنفوذ والاستحواذ على المال العام، هو المسيطر على عقول السياسيين، والدافع بهم إلى ممارسة السياسات الحمقاء، التي استهجنها الإنسان العراقي وغادرتها عربة التطور والتمدن.