كاظم الحسن
قد تكون عسكرة المجتمع، هي أسوأ مرحلة تمر بها الشعوب، لأنها تصبح مشروعا للموت تحت مسميات زائفة، كي ترضي غرور الدكتاتور الطامح للمجد على حساب المجتمع المقهور.
وتعد عسكرة الحياة المدنية نوعاً من تطبيع العنف، بأخطر أشكاله المدمرة وتصيب النسيج الاجتماعي بالصميم وتحطم تماسكه. في هذه الأجواء اللا إنسانية، يصبح الفرد يميل إلى الظلم ويبجل القوة بجميع أشكالها ولذلك نرى الكثير من الافراد، يذم نفسه وبمرارة، حين يقول بالشعبي: (احنا نستاهل حيل بينا احنا موخوش أوادم)، هذ يعرف بجلد الذات (المازوخية)، وهي تتسرب إلى اللا وعي، من خلال تطبيع العنف وبطبيعة الحال، هذا الفرد سوف يمجد العنف ويؤسس له. وقد ترى في الحياة اليومية، هناك من يظهر غضباً منفلتاً وعنفاً جسدياً مبالغاً فيه، اتجاه الضحية وهو يصرخ ضد الضحية ويقول "راح اطلع قهر الله بيك"، يعني الضيم المتراكم لديه، سوف يسقطه عليه بلا ذنب، بل يحيل الظلم الذي تعرض له، على إنسان بريء، وهكذا دورة العنف تدور وبقسوة، في ثنايا المجتمع، الذي تطبع عليه وفي بعض الأحيان حين يتعرض شخص ما، إلى السرقة، يلام هو وليس الجاني، ويقال له لماذا تحمل هكذا مبلغ معك؟ بل وصل الامر، أن البعض كان يبرر جرائم داعش في العراق، ضد الناس الأبرياء تحت صيغة مفضوحة، وهي (نحن ندين الإرهاب لكن العراق محتل)، مع العلم أن التفجيرات تطول الأسواق والجامعات والجوامع والحسينيات والكنائس وغيرها من الاماكن المدنية والدينية. وبعدها انقلب السحر على الساحر، فدخلت الدول التي انطلق منها الإرهاب دوامته ليعود اليها بالعنف نفسه الذي كانت تشرعه وتدافع عنه. العنف هو واحد، لا يمكن تجزئته ولذا كانت الدول التي خاضت الحروب، تلجأ إلى تأهيل العسكر، لكي يعودوا، إلى الحياة المدنية وهذا هو قانون الحياة الطبيعية، أي أن العنف، هو الشذوذ والسلام، هو الأصل وقد أدركت الدول الأوروبية، أن الديمقراطية هي المضاد الحيوي للحروب والمقولة المعروفة وهي أن الدول الديمقراطية، لا تتحارب في ما بينها، هي أصدق ما تكون في عالمنا المعاصر والصراع الذي يجري الآن بين الشرق والغرب، هو بين الديمقراطية والاستبداد والتاريخ ينتصر للأحرار وليس للعبيد، لأن الدكتاتورية، تعيش على الأزمات والحروب والصراعات وتغلف ذلك، بما يسمى نظرية المؤامرة، لكي تشرعن حروبها وتشيطن خصومها وتبيح سجنهم أو قتلهم. إن شعور الطغاة بالتهديد يأتي من خلال اغتصابهم للسلطة، ولذلك يحسبون أيَّ معارضة هي خطر محدق عليهم لا بدَّ من القضاء عليها.