هيام سليمان*
الوطن أغلى الامتيازات "هو الهوية والتراث والتاريخ والثقافة والمستقبل والإعلام والفن والسينما والمسرح وهو كيمياء حيوية"، هو الثروة التي لا تتبدد "وهو الكنز الذي لا يفنى" لهذا لا بدَّ من السؤال كيف نعمق مفهوم الانتماء؟
لنقرأ مجددا في أزمات الأوطان البعيدة منها والقريبة، إنها أزمات حقيقية وصادقة وصادمة في كثيرٍ من الأحيان وفريدة من نوعها، أزمة الوطن فوق كل الأزمات، فالانتماء نسغ الأشياء يجب أن يبدأ هذا التعمق من مسافة واحدة لا مبالغة فيها ولا تكلف أو تطرف أو تصنّع أو تمثيل أو ميول أو جهوية أو فئوية، فالحس الإنساني والأخلاقي والتعليمي والثقافي مزروع في داخل وعمق وروح الموطن، وتترجم هذه القيمة الانتمائية العليا على شكل سلوك وفعل وحدث إيجابي يتجلى ويظهر في عقلنة الأدوات والتمكن من امتلاك الآلية اللازمة، لتطوير الانفعال والسلوك والحواس وخلق شعور فياض بالانضمام إلى المجموعات والمكونات والموجودات، التي لا تنقطع عن الذاكرة والتاريخ والجغرافيا، وأن بناء العلاقات الحسيةٍ الفعالة، من صناعة المواطن في المحيط مع الجغرافيا، التي تتمكن من صناعة التاريخ وصولا للهوية الوطنية، والتي تعد اللبنة الأولى لصناعة الوطن ويعد مفهوم الانتماء أسمى المفاهيم، هو الانتماء الحقيقي والمعلن للأرض وللتاريخ وللحضارة وللثقافة وللغة وللرياضة وللناس أجمعين وللديانات كافة، والانتماء للوطن بكل فصوله، هو انتماء للعادات القديمة ذات القيمة الموروثة والتقاليد الفائقة، أن الانتماء بكل جوارحه يعني الوجود، بل أكثر من ذلك، وبهذه الحالة وبهذا الشعور نؤكد الانضمام إلى الانتماء، وتكوين علاقةٍ متينة مع مكوناته، تربطنا بحيز شاسع نتنفس فيه كل مكوناته ودياناته وأصل وجوده وحضوره، وبهذا التنفس نصل إلى أعلى الدرجات.
إن هذا الانتماء يتحقق بمعرفة مدى إشراقة المواطن والوطن على حد سواء فوق أرض الواقع وبناء شخصيتهما وهويتهما.
ولبناء الهوية الوطنية اشتراطات
منها :
أن يشعر المواطن بذلك الحس في داخله أولا ثم ينطلق منه بالانضمام إلى مجموعة مكونات الوطن الحية وغيرها، وهذه العلاقة الحسية ايجابية بالمعنى والمضمون والشكل يبنيها المواطن مع ذاته، ومن ثم ينطلق بها إلى مجموعة آخرى من المواطنين تربطهم هموم وتطلعات ودوافع مشتركة، أن مفهوم الانتماء للوطن، هو الوصول إلى أعلى درجات الإخلاص والوفاء والتعلق، وتتجسد هذه الفكرة بمدى استعدادنا الدائم للتفاعل مع بناء الأوطان وبالتأهب لإيصال رسالة الحياة للأجيال القادمة، والتي تدفعنا لتمكين الذات أولا من التعايش مع الشريك الآخر تحت قبعة الوطن الواحد، وبالانتماء يتجلى لنا التسامي ونرى التقارب والتواصل والتفاني والترفع عن الصغائر.
*كاتبة سورية