يحيى حسين زامل
مع الاعتداء السافر من قبل القوات التركيّة على الأراضي العراقيّة وسقوط العديد من الشهداء العراقيين المدنيين، تصاعدت بيانات ومنشورات وتغريدات الاستنكار والاستهجان من قبل عدّٓة من المسؤولين والسياسيين والنخبة من ابناء المجتمع، فضلاً عن عامة أفراد المجتمع وهذا شيء طبيعي في ظل تزايد الاعتداءات على السيادة العراقيّة واستباحة الدم العراقي الذي لا يقل سيادة عن البلد .
ولكن الملاحظ أن هذه السيادة تصبح مقدسة إذا انُتهكت من البعض ومباحة اذا انُتهكت من البعض الآخر... وكأن الأمر خاضع للمزاج والميول والاهواء، لا وفق مفهوم موضوعي ودولي وسيادي ثابت، فالسيادة وفق "بودان ".
( بأنها السلطة الأعلى والمطلقة والدائمة على المواطنين والرعايا في الدولة، فالسيادة مرجع يؤمن الصالح المشترك للجميع وصالح كل فرد من جهة وروح الجمهورية من جهة ثانية، فلا تعد الجمهورية، جمهورية إن لم يكن فيها قوة سيدة توحد كل أعضائها وأجزائها).
ووفق هذا المفهوم للسيادة ينبغي التعامل مع السيادة بحيادية وموضوعية بوصفها موحدة لا تعطي لبعض منتهكي السيادة الحقوق في الانتهاك تحت أي عذر، فالسيادة مثل الإله لا يمكن أن يُثّنى أو ينظر اليه بازدواجية.
ويمكن أن نقسم هؤلاء إلى قسمين: المقدسون، وهم الذين استنكروا واستهجنوا وربما سبّوا وشتموا واغلقوا بعض المقرات، وأبعد من ذلك دعوا إلى المقاطعة للبضائع والتجارة والسفر وسحب التمثيل الدبلوماسي وطرد السفير وغير ذلك من الأمور.
والمباحون وهم الذين يخلقون ويعطون الأعذار هنا أو هناك أو حتى لا يسموا الأسماء بمسمياتها، وربما (غلسوا) عن التعليق أو إبداء الرأي في القضية.
إذن نحن امام موقف لا نحسد عليه في تحديد هويتنا وذواتنا وسيادتنا، والنظر إلى الأمور بموضوعية، ولعل الحل الأمثل في الحفاظ على السيادة هو أن لا تتجزأ بأي صورة من الصور، فضلاً عن توعية المواطن بهذا الموضوع من خلال برامج تربوية وثقافية واجتماعية.